للمصلحة التي هي مقصود الشارع من التشريع، ولا يتفق وعدل الله وحكمته ان يحرم الخمر لاسكارها محافظة على عقول عباده، ويبيح نبيذا آخر فيه خاصية الخمر وهي الاسكار، لان مآل هذا المحافظة على العقول من مسكر وتركها عرضة للذهاب بمسكر (1)).
وهذا الدليل إنما يتم - لو فرض له التمام - على خصوص مبنى العدلية في التحسين والتقبيح العقليين، وإلا فأي ملزم للشارع المقدس - بحكم العقل - أن لا يخالف بين الحكمين ما دام لا يؤمن العقل بحسن أو قبح عقليين.
ودعوى اتفاق غير العدلية من المسلمين مع العدلية في أن احكامه لا تصدر إلا عن مصلحة أو مفسدة لا تجدي في تتميم حكم العقل ما دام هو لا يلزم بذلك ولا يؤمن به.
وموضع المفارقة - في هذا الدليل - حتى على مبنى العدلية - هو ما أخذه في العلة من كونها مظنة المصلحة، فالعقل لا يحكم بالمساواة بين الفرع وأصله في الحكم إذا لم يدرك المساواة بينهما في العلة المحققة للمصلحة لا التي هي مظنة تحقيقها، وما هي علاقة ظنون المجتهدين بأحكام الله الواقعية ليتقيد بها الشارع المقدس في مقامات الجعل والتشريع وبخاصة على مبنى من ينكر التصويب.
والحقيقة ان حكم العقل غاية ما يدل عليه، هو حجية أصل القياس لا حجية مسالك علله وطرقها، فمع المساواة في العلة التامة الباعثة على الحكم، لا بد أن يتساوى الحكم أي مع إدراك العقل لمقتضى التكليف وشرائطه، وكل ما يتصل به لا بد ان يحكم بصدور حكمه على وفق ما يقتضيه، لما قلناه من استحالة تخلف المعلول عن العلة التامة، أو لزوم