في حكم العقل بقبح ارتكاب جميع أطراف العلم الاجمالي دفعيا كالنظر إلى امرأتين يعلم بحرمة النظر إلى إحداهما كما في ارتكاب المحرم تفصيلا، مع أن موضوع التكليف الواقعي غير مميز فلا يعتبر في القبح إلا وصول التكليف الفعلي، وهو متحقق في محل الكلام (1))، فالشبهة في قابليته للتنجيز شبهة في مقابل البديهة، وهي لا تستند - كما يقول أستاذنا الخوئي - على غير المغالطة، ولذا لا نجد عاقلا من العقلاء يقدم على شرب إناءين يعلم إجمالا بوجود السم في أحدهما بدعوى عدم تمييزه للاناء الذي وجد فيه السم من بينهما.
ولكن - بعد ثبوت القول بالقابلية - يقع الكلام في منشأ المنجزية فيه، فقيل: ان منشأها ذاتي في كل ما يتصل به، وحاله حال العلم التفصيلي في كونه علة تامة لتنجيز متعلقه، وقيل: إن العلم الاجمالي ليس فيه أكثر من اقتضاء التنجيز، وتنجيزه موقوف على عدم جعل المرخص في أطرافه، وعلى كلا القولين فقد وقع الكلام في إمكان جعل المرخص على خلافه كلا أو بعضا وعدمه، وعلى تقدير الامكان، فقد اختلفوا في الوقوع وعدمه أيضا.
فالكلام إذن يقع في مسائل ثلاث:
أ - منشأ تنجيزه.
ب - إمكان جعل المرخص على خلافه وعدمه.
ج - وقوع مثل ذلك الجعل وعدمه على تقدير إمكانه.
أ - منشأ تنجيزه:
وقد ذكرنا أن في المسألة قولين: قولا بالعلية وقولا بالاقتضاء،