والظاهر أن سياسة تلكم العصور كانت تخشى من العلماء ذوي الأصالة في الرأي والاستقامة في السلوك - وهم لا يهادنون على ظلم ولا يصبرون على مفارقة - فأرادت قطع الطريق على تكوين أمثالهم بإماتة الحركة الفكرية من أساسها، وذلك بسدها لأهم منبع من منابعها الأصيلة وهو الاجتهاد.
أدلة حجيته:
والغريب ان نجد في المتأخرين عن ذلك العصر من يحاول التبرير الشرعي لجملة هذه التصرفات، بالتماس أدلة توجب هذا الحضر وتلزم باستمراره.
يقول صاحب الأشباه: (الخامس مما لا ينفذ القضاء به ما إذا قضى بشئ مخالف للاجماع وهو ظاهر، وما خالف الأئمة الأربعة مخالف للاجماع، وإن كان منه خلاف لغيره فقد صرح في التحرير ان الاجماع انعقد على عدم العمل بمذهب مخالف للأربعة، لانضباط مذاهبهم وكثرة أتباعهم (1)).
وقد رأينا في المتأخرين من يوافقه على هذا الحكم كالشيخ محمد عبد الفتاح العناني رئيس لجنة الفتيا في الأزهر الشريف وزملائه في اللجنة (2).
والأدلة التي ذكرها صاحب الأشباه هي:
1 - الاجماع.
2 - انضباط المذاهب الأربعة وكثرة أتباعهم.