إذ مع اتفاقهما لا ثمرة عملية لهذه المسألة، ومع الاختلاف لا تكون الأدلة شاملة لهما معا ابتداء، وهي إنما يمكن الاستدلال بها في صورة عدم العلم بالخلاف فقط، ومسائلها نادرة جدا لو سلمت من المناقشات السابقة فيها.
2 - الاستدلال بالقياس:
بتقريب قياسها على عدم اعتبار الحياة في حجية قول المخبر، لان العلة التي أوجبت حجية قول المخبر، هي حكايته عن الواقع، فكذلك الامر في المفتي، وبما أن المقيس عليه لا يعتبر قيد الحياة في حجية خبره فالمقيس مثله في هذه الجهة.
والجواب على ذلك، أن هذا النوع من القياس، لم تثبت حجيته لوجود الفارق الكبير بينهما.
فالمخبر إنما يستند في اخباره إلى الحس أو الحدس القريب منه، وبقاء الحياة لا يغير في واقع ما أحسه إذا كان صادقا في اخباره، ولذا نرى ان الصادقين في اخبارهم قلما يختلفون إذا حدثوا عن واقعة واحدة، بينما يستند المفتي أحيانا إلى مقدمات نظرية، وهي تختلف باختلاف خبرة المفتين بأصول الاستنباط ومقدار ما يملكون من ذكاء وصبر على البحث، بل تختلف باختلاف المراحل العلمية التي يجتازها المفتي الواحد، وما أكثر ما عدل المفتون عن فتاوى سابقة لعثورهم على أدلة على خلافها، أو لزيادة تجاربهم في معرفة كيفيات الاستنباط.
وما يدرينا لو قدر لذوي الاجتهاد من الأموات أن تستمر بهم الحياة ما يدخل الزمن على آرائهم وفتاواهم من التطور والتغيير.
ومع هذا فكيف يسلم قياسها على الاخبار، مع وجود هذا الفارق الكبير، ولا أقل من كونه من قبيل القياس غير المقطوع، وقد عرفت