بلغ التواتر المعنوي عن الصحابة باستعماله وهو قطعي، وقال الصفي الهندي: دليل الاجماع هو المعول عليه لجماهير المحققين من الأصوليين، وقال الرازي في المحصول: مسلك الاجماع هو الذي عول عليه جمهور الأصوليين (1))، وأمثال هؤلاء في التصريح بأهمية الاستدلال به، كثيرون.
وتقريب الاستدلال به هو: (أن الصحابة اتفقوا على استعمال القياس في الوقائع التي لا نص فيها من غير نكير من أحد منهم (2)).
وتوجيه اتفاقهم - مع أنه لم ينقل ذلك عنهم تاريخيا - هو أن آحادا منهم، أفتوا استنادا إلى القياس، وسكت الباقون فلم ينكروا عليهم، وسكوتهم يكون إجماعا، أو ان بعضهم صرح بالأخذ بالرأي من دون إنكار عليه، ومن ذلك قول أبي بكر في الكلالة: (أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وان يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه (3)).
ومنه (حكم أبي بكر بالرأي في التسوية في العطاء، حتى قال له:
كيف تجعل من ترك دياره وأمواله وهاجر إلى رسول الله كمن دخل في الاسلام كرها، فقال أبو بكر: إنما أسلموا لله، وأجورهم على الله، وإنما الدنيا بلاغ، وحيث انتهت النوبة إلى عمر فرق بينهم (4)) ومنه قول عمر: (أقضي في الجد برأيي، وأقول منه برأيي (5)).
وعن ابن مسعود (رض) (سأقول فيها بجهد رأيي، فإن كان صوابا