بالحظر قبل ورود الشريعة بها، وهو الذي ذهب إليه البعض (1)، وتقرب بما هو معلوم بالضرورة من أن المكلفين عبيد لله عز وجل، وأفعالهم جميعا مملوكة له، ولا يسوغ التصرف في ملك الغير إلا بإذنه، فما لم يحرز المكلف الاذن بالتصرف في شئ من أفعاله أو مخلوقاته، لا يسوغ الاقدام عليه لعدم المؤمن.
والجواب على هذا التقريب: ان هذه القاعدة - لو تم الاستدلال بها - على الاحتياط الشرعي بهذا التقريب، فهي محكومة لما دل على ورود الاذن الشرعي في إباحة التصرفات، أمثال قوله تعالى: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا (2)).
وليس وراء اللام من (لكم) ما يدل عليه بالإضافة إلى حكومة أدلة البراءة السابقة، ولا أقل من معارضتها برواية: (كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي) واسقاطها لذلك.
خلاصة البحث:
والخلاصة، ان هذه الأدلة غير تامة في نفسها أولا، وهي غير مجدية لو أمكن اتمامها في إثبات دعوى الأخباريين في الرجوع إلى الاحتياط في خصوص الشبهات التحريمية دون غيرها ثانيا، اللهم إلا إذا تمت قاعدة الحظر.
وغاية ما تثبته بعد الجمع بينها وبين أدلة البراءة، هو اختصاصها في خصوص الشبهات قبل الفحص، والشبهات في أطراف العلم الاجمالي.
وهي بذلك منسجمة مع الدليل العقلي من ضرورة الاحتياط فيهما، وربما كانت إرشادا له.