العامة أو الخاصة، وبالمخالفة ان يصادمها على نحو التباين أو العموم والخصوص من وجه، أي في المواضع التي لا يمكن فيها الجمع العرفي أصلا، والسر في اسقاط الرواية عند المخالفة هو ما سبق أن أشرنا إليه من أن النسخ لا يثبت بأخبار الآحاد، والاخبار المتعارضة تعطي في نتائجها ما تعطيه أخبار الآحاد من حيث عدم القطع بها سندا أو مضمونا، والنسخ لا يكون إلا بقاطع.
ومن تقديم هذا المرجح على موافقة العامة وجعل المرجح الثاني في طوله، ندرك ان موافقة الكتاب وعدم مخالفته هي المقياس الأول، كانت هناك موافقة للعامة أو مخالفة لها، فالحديث الموافق للكتاب أو غير المخالف يؤخذ به على كل حال وافق العامة أم لم يوافقها، والحديث المخالف للكتاب يطرح سواء وافق العامة أم خالفها.
مخالفة وموافقة العامة:
والمراد بالعامة هنا أولئك الرعاع وقادتهم من الفقهاء الذين كانوا يسيرون بركاب الحكام ويبررون لهم جملة تصرفاتهم بما يضعون لهم من حديث حتى انتشر الوضع على عهدهم انتشارا فظيعا صحح لمثل يحيى بن سعيد القطان أن يقول: (لو لم أرو إلا عمن أرضى ما رويت إلا عن خمسة (1)) وليحيى بن معين قوله: (كتبنا عن الكذابين وسجرنا به التنور وأخرجنا خبزا نضيجا (2)) إلى غيرها من آراء وأقوال أرباب الجرح والتعديل.
وليس المراد بالعامة في الصحيحة وأمثالها أولئك الأئمة الذين عرفوا بعد حين بأئمة المذاهب الأربعة وأتباعهم، لان هؤلاء الأئمة ما كان بعضهم