والواقع أن إثبات كونه من مصادر التشريع، لا ينسجم إلا إذا اعتبرت تصرفاته - قولا أو فعلا أو تقريرا - من السنة والأدلة التي ذكروها تأبى إثبات هذا المعنى، وحمل الصحة لا يكفي لاعطاء تصرفاته صفة التشريع والحكاية عن أحكام الله الواقعية.
أدلة المثبتين:
استدل المثبتون على حجية أقوالهم على اختلاف بينهم في سعة المبنى وضيقه - بجملة من الأحاديث - أمثال أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، أو قوله: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، أو قوله: اقتدوا بالذين بعدي أبي بكر وعمر، وأمثالها.
وقد ذكرنا - في مبحث سنة الصحابة - ضعف أسانيد بعضها واستحالة التعبد الشرعي من قبل الشارع بها للزوم التعبد بالمتناقضات ومعارضتها باخبار الحوض، فلا بد من تأويلها أو تأويل ما يصح منها بغير مجالات اعتبار الحجية صونا لكلام الشارع من الوقوع في التناقض.
وقد ناقش الغزالي، كل ما يتصل بهذه الأحاديث في بحثه عنها، مناقشات لا يخلو أكثرها من أصالة.
فعدها - من قبل الغزالي (1) والآمدي (2) في الأصول الموهومة - في موضعه.
هذا كله في مذهب الصحابي - كمشرع - أما مذهبه كمجتهد فحساب من يثبت اجتهاده منهم حساب بقية المجتهدين، وسنخضع في بحوثنا القادمة من يسوغ الرجوع إلى شرائط معينة، فإن توفرت في الصحابي تعين الرجوع إليه وإلا فلا يسوغ، وحسابهم حساب من لم تتوفر فيه