في طبيعة الأصول وتقييمها والتماس أمثلها أو التماس أصول جديدة، لم يعد ذي جدوى بالنسبة إليهم ما داموا لا يملكون لأنفسهم حق استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
وكلما يهمهم بعد ذلك أن يعرفوا ما اعتمده إمام المذهب من الأصول، وخير الوسائل إلى ذلك أن يجعلوا (أحكام الفروع التي نقلت عن أئمتهم مصدرا لهم لاستنباط الأصول التي اتبعوها عند الحكم فيها (1).
وقد ألف على طريقتهم هذه جملة من أعلام الأصوليين - فيما تحدث بعضهم - كالكرخي، والرازي المعروف بالجصاص، والسرخسي، والنسفي، وغيرهم.
منهج المتكلمين:
ولكن منهج المتكلمين يختلف عن ذلك المنهج اختلافا كبيرا حيث يقوم (على تجريد قواعد الأصول عن الفقه والميل إلى الاستدلال العقلي ما أمكن فما أيدته العقول والحجج أثبتوه، وإلا فلا دون اعتبار لموافقة ذلك للفروع الفقهية فهدفهم ضبط القواعد لتكون دعامة للفقه ضابطة للفروع من غير اعتبار مذهبي (2)).
وقد ألف على هذه الطريقة - فيما يقال - كل من الآمدي، والغزالي، والجويني، ومحمد بن علي البصري، وغيرهم كتبهم في الأصول، وجل كتب الشيعة الأصولية قائمة على هذا الأساس.
أما نحن - كمقارنين - فان وظيفتنا هي أخذ واعتماد الطريقتين معا.
إذ احتياجنا إلى الأولى انما يكون في التماس وتشخيص هذه الأصول والتعرف عليها من مصادرها لدى الأئمة، لان طبيعة المقارنة تستدعي جمع الآراء من مظانها - في الفقه والأصول - والتأكد من نسبتها لأصحابها