أكثر صور الاستصحاب التي لا يتحقق فيها ظن بالحالات السابقة.
وأما الكبرى - أعني دعوى أن العمل بالظن واجب - فهي لا مستند لها أصلا، وحالها يتضح مما عرضناه في مباحث التمهيد من أن الظن من الطرق غير الذاتية لنقصان كشفه، وما كان غير ذاتي فهو محتاج إلى الجعل، وليس عندنا من الأدلة ما يجعل الطريقية لمطلق الظنون، اللهم إلا إذا تمت مقدمات دليل الانسداد - وهي غير تامة - كما اتضح حالها في مبحث القياس - فادعاء المفروغية عن وجوب العمل بالظن لا مستند له إذ مع هذه المفروغية المقررة لا نحتاج إلى التماس الأدلة على جميع ما مر من الظنون القياسية وغيرها والتماسها إذ ذاك عبث من الاعلام لا مبرر له.
3 - الاجماع:
وقد ادعاه غير واحد من الاعلام، يقول في سلم الوصول: (إجماع الفقهاء على أن ما ثبت باليقين لا يزول بالشك (1)) ويقول في مصادر التشريع: (مما اتفق عليه الفقهاء ان ما ثبت باليقين لا يزول بالشك، فمن توضأ للصلاة ثم شك بعد ذلك في أنه أحدث، يصلي ولا عبرة بشكه، ومن تزوج ثم شك بعد ذلك في أنه طلق تحل له زوجته ولا اعتبار بشكه، هذا في الحقيقة مبني على أن الحكم الذي ثبت في الماضي يستصحب ويبقى ويستمر حتى يوجد دليل يغيره (2)).
وهذا الاجماع لا أعرف كيف ادعاه هؤلاء الاعلام، مع نقلهم لذلك الخلاف الكبير في حجية الاستصحاب من قبل كثير من الفقهاء، اللهم إلا أن يوجه الاجماع إلى خصوص هذه الفروع ونظائرها، وهو لا يثبت