ولكن هذه الاستفادة كسابقتها لا يتضح لها وجه وذلك:
أ - لان إثبات الحجية لمطلق الاعتبار بحيث يشمل المجاوزة القياسية، موقوف على أن يكون المولى في مقام البيان من هذه الجهة، والمقياس في كونه في مقام البيان هو أننا لو صرحنا بالمعنى الذي يراد بيانه لكان التعبير سليما، وظاهر الدلالة على كونه مرادا لصاحبه، فلو قال الشارع: أحل الله البيع، وأردنا ان نصرح بمختلف البيوع بدلا من الاطلاق لساغ الكلام، وليس ما يمنع من ذلك إلا التطويل كأن نقول: أحل الله البيع العقدي والبيع المعاطاتي، وهكذا حتى نستوفي جميع أنواع البيوع...
وإذا صح هذا المقياس عدنا إلى الآية لنرى هل ان سياقها يتسع لهذا النوع من التفصيل كأن نقول: وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فقيسوا يا أولي الابصار أنفسكم عليهم، والنبيذ على الخمر، والضرب على التأفف والذرة على البر، في الربا، وهكذا أمثل هذا مما يسيغه كلام عربي لتصح نسبة مدلوله إلى قائله.
ومن هنا يعلم ان الآية ليست واردة لبيان هذا المعنى، فلا يسوغ الاستدلال بها عليه.
ب - ومع التنزل وافتراض مجيئها لبيان هذا المعنى ولو بإطلاقها إلا أنها واردة لجعل الحجية لأصل القياس كدليل، وأصل القياس لا ينبغي أن يكون موضعا لنقاش جذري لما سبق أن قلنا: من أن حجيته يقتضي ان تكون من الضروريات العقلية، وإنما الخلاف الجذري في الطرق والمسالك الكاشفة عن توفر العلة في الأصل والفرع.
والدليل الوارد لجعل الحجية لأصل الدليل لا يتعرض إلى طرق إثباته، فكما أن الأدلة الدالة على أن السنة النبوية من مصادر التشريع لا تتكفل جعل الحجية لخبر الواحد الحاكي لها، بل نحتاج في الاستدلال عليه إلى