الفاسدة جمعا بين هذه الأدلة - على طريقة أخذ بعضهم بالجموع التبرعية أو أخذا بالضرورة من أن هذا الحديث لم يبق على عمومه، بالنسبة إلى كل رأي.
فإذا علمنا بأن عندنا نوعين من الرأي أحدهما فاسد، وهو المردوع عنه، والآخر صحيح، وهو الذي أقر عليه معاذ، فمع الشك بحجية القياس الظني - والمفروض أننا شاكون، ولذلك احتجنا إلى هذه الأدلة - لا يصح الرجوع فيها إلى هذا الحديث، وإلا لزم التمسك بالعام في الشبهة المصداقية بداهة أن الحكم في القضايا الحقيقية، لا يمكن أن يثبت موضوعه، فالدليل الدال على حجية الرأي الصحيح لا يشخص لك أن هذا الرأي صحيح بل عليك بتشخيصه من الخارج وتطبيق الحكم عليه، وإذن فالقياس الظني لا يكون مدلولا للحديث حتى يثبت من الخارج أنه من القياس الصحيح، ومع اثباته لا نحتاج بعد إلى هذا الحديث لنتمسك به كدليل على الحجية.
وقد تكون أصرح من هذه الرواية ما أثر عنه (صلى الله عليه وآله) من أنه قال لمعاذ وأبي موسى الأشعري: (بم تقضيان؟ فقالا: إن لم نجد الحكم في الكتاب ولا السنة، قسنا الامر بالأمر، فما كان أقرب إلى الحق عملنا به (1))، (حيث صرحوا بالقياس والنبي (صلى الله عليه وآله) أقرهما عليه، فكان حجة (2)).
ولكن هذه الرواية - بالإضافة إلى ضعفها سندا، وعدم طبعيتها في صدور الجواب المشترك عنهما بلسان واحد في آن واحد، وكأنهما كانا على اتفاق مسبق بالنسبة له - يرد عليها الاشكالان السابقان على رواية معاذ من لزوم الدور فيهما لتوقفهما على دفع احتمال الخصوصية فيهما من