من الأحاديث دليلا على الاخذ بالقياس، فلو كان مجرد أخذهم به يوجب تقويته له، لكان حال ما أخذوا به من الأحاديث الضعيفة حاله في التقوية وهو ما لم يدعوه لها على الاطلاق.
2 - إن هذا الحديث غير وافي الدلالة على ما سيق لاثباته وذلك:
أ - لان إقرار النبي (صلى الله عليه وآله) لمعاذ - لو صحت الرواية - ربما كان لخصوصية يعرفها النبي (صلى الله عليه وآله) فيه تبعده عن الوقوع في الخطأ ومجانبة الواقع، وإلا لما خوله هذا التخويل المطلق في استعمال الرأي، ومن عدم الاستفصال والاستفسار عن أقسام الرأي التي يستعملها في مجالات اجتهاده مع كثرة ما في هذه الأقسام من الآراء التي سلم عدم حجيتها حتى من قبل القائلين بالقياس ندرك هذه الخصوصية ولا أقل من احتمالها.
ومع هذا الاحتمال لا يتم الاستدلال به إلا بعد دفع الخصوصية، وهي لا تدفع إلا بضرب من القياس الظني، ولزوم الدور به في هذا النوع من الاستدلال واضح بداهة ان دلالة الحديث تكون موقوفة على حجية هذا النوع من القياس، فإذا كانت حجية هذا النوع من القياس موقوفة عليها لزم الدور.
ب - ان هذا الحديث وارد في خصوص باب القضاء، وربما اختص باب القضاء بأحكام لا تسري إلى عالم الافتاء، لما تقتضيه لوازم فض الخصومات من استعمال بعض العناوين الثانوية أحيانا، فتعميمه إلى عوالم الافتاء والعمل الشخصي للمجتهد موقوف على إلغاء هذه الفوارق ولا يكون إلا من طريق السبر والتقسيم، أو غيرها من مسالك العلة المظنونة، فيلزم الدور أيضا بنفس التقريب السابق.
ج - إننا نعلم ومعنا مثبتو القياس أن هذا الحديث معارض بما دل على الردع عن إعمال الرأي (1)، ولا أقل من تخصيصه بخروج الآراء