مع المعصية؟
نعم: يمكن أن يوجه كلامه بحيث يرجع إلى أمر معقول وإن كان خلاف ظاهر كلامه، بأن يقال: إن مراده من المعصية المجتمعة مع التجري غير المعصية التي علم بها وتجري فيها، بل معصية أخرى، كما لو علم بخمرية مايع فتجري وشربه، ثم تبين أنه مغصوب (1) فان في مثل هذا يمكن أن يقال: إن المكلف تجرى بالنسبة إلى شرب الخمر وعصى بالنسبة إلى شرب المغصوب، بناء على أن العلم بجنس التكليف والإلزام يكفي في تنجز التكليف وإن لم يعلم فصله - كما سيأتي في العلم الإجمالي - فيقال في المثال: إنه قد تعلق علمه بحرمة شرب المايع على أنه خمر، فبالنسبة إلى كونه خمرا أخطأ علمه، وبالنسبة إلى الحرمة لم يخطأ وصادف الواقع، لأنه كان مغصوبا، فيكون قد فعل محرما و يعاقب عليه وإن لم يعاقب على خصوص الغصبية لعدم تعلق العلم بها، بل يعاقب على القدر المشترك بين الخمرية والغصبية، فلو فرض أن عقاب الغصب أشد يعاقب عقاب الخمر - أي عقاب مقدار شرب الخمر - ولو انعكس الأمر و كان عقاب الخمر أشد يعاقب عقاب الغصب، لأن المفروض أنه لم يشرب الخمر فلا يعاقب عليه. وفي الصورة الأولى إنما كان يعاقب عقاب شرب الخمر مع أنه لم يشرب الخمر، من جهة أن عقاب ما يقتضيه شرب الخمر هو المتيقن الأقل والمنفى عنه هو العقاب الزائد الذي يقتضيه الغصب، فتأمل جيدا.