خاتمة قد عرفت - في مبحث القطع وفي أول مبحث البراءة - أن الأصول العملية في جميع الشبهات الحكمية والموضوعية أربعة: البراءة والتخيير والاشتغال والاستصحاب، فكان ينبغي عقد فصول أربعة كل فصل يتكفل البحث عن أحد هذه الأصول، ولكنا جعلنا الفصول ثلاثة: الفصل الأول في البراءة، والثاني في الاشتغال، والثالث في الاستصحاب، ولأجل قلة مباحث أصالة التخيير لم نعقد لها فصلا مستقلا وجعلنا البحث عنها في خاتمة البراءة المناسبة، وتنقيح البحث عنها يستدعى رسم أمور:
الأمر الأول:
قد تقدم المختار في مجاري الأصول، وأن مجرى أصالة التخيير هو ما إذا علم بجنس الإلزام ولم يمكن الاحتياط لأجل عدم التمكن من الموافقة والمخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال، وقد تقدم أيضا - في الفعل الأول - ضابط تأثير العلم الإجمالي وتنجيزه للتكليف، وحاصله: أن المعلوم بالإجمال إذا صح وأمكن أن يتعلق به التكليف على ما هو عليه من الإجمال بحيث كون قابلا لأن تتعلق به إرادة العبد وتحريك عضلاته نحوه، فالعلم الإجمالي المتعلق به يكون منجزا للتكليف، كما إذا علم بوجوب إحدى الصلاتين أو حرمة أحد الشيئين