ما إذا كان التخيير فيه لأجل تعارض الحجتين والطريقين) وقد عرفت: أنه في باب الطرق والأمارات إن قلنا بالسببية فالتخيير فيه يكون من صغريات التخيير في باب التزاحم، فان لم يكن لأحد الطرفين مزية فالمكلف بالخيار بين الأخذ بأحدهما. وإن كان لأحدهما مزية يتعين الأخذ بذى المزية (1).
وإن احتمل أن يكون لأحدهما المعين مزية، كما إذا احتمل أعلمية أحد المجتهدين بعد العلم بوجوب الأخذ بقول الأعلم، أو احتمل وجوب الأخذ بقول الأعلم بعد العلم بأعملية أحدهما المعين، أو احتمل أن يكون لإحدى الأمارتين مزية يجب الأخذ بها - سواء كانت الشبهة موضوعية أو حكمية - فالكلام فيه الكلام في الفريقين عند احتمال أهمية أحدهما المعين، ويأتي فيه المسلكان المتقدمان.
هذا إذا قلنا في باب الطرق والأمارات بالسببية، وإن قلنا بالطريقية المحضة وأن المجعول في باب الطرق والأمارات مجرد الحجية والوسطية في الإثبات - كما هو المختار وعليه قاطبة المتأخرين - فوجوب الأخذ بمحتمل المزية في غاية الوضوح ولا يمكن الخدشة فيه، فإنه يقطع أن سلوكه يوجب الأمن عن العقاب على تقدير مخالفته للواقع، بخلاف سلوك الطريق الذي لا يحتمل فيه المزية فإنه يشك في حجيته، وقد تقدم (في مبحث الظن) أن الأصل عند الشك في الحجية عدمها بالأدلة الأربعة، فلا يكون المكلف معذورا على تقدير مخالفة مشكوك الحجية للواقع ويستحق العقوبة عقلا، لأنه لم يعتمد في عمله على ما يكون مؤمنا.
فظهر: أن اقتضاء الأصل التعيين عند دوران الأمر بينه وبين التخيير