شرعا ولو بالتبع، بل إنما هي عبارة عن عدم جعل العدل والبدل، بداهة أن نحو تعلق الخطاب لا يختلف تعيينيا كان أو تخييريا، فالتكليف المتعلق بالعتق مثلا لا يتغير ولا يزيد ولا ينقص ولا يتكيف بكيفية وجودية إذا كان التكليف المتعلق به تعيينيا، وإنما الاختلاف ينشأ عن قبل وجوب العدل، فان تعلق التكليف بشئ آخر يكون عدلا له فالتكليف المتعلق بالعتق كان تخييريا، وإلا كان تعيينيا، فالتعيينية ليست صفة وجودية للخطاب حتى تجرى فيها البراءة.
وبالجملة: كما أنه في مقام الإثبات ظاهر الخطاب يقتضى التعيينية لأنها لا تحتاج إلى بيان زائد بل التخييرية تحتاج إلى مؤنة زائدة من العطف ب " أو " ونحوه، كذلك في مقام الثبوت التعيينية عبارة عن تعلق الإرادة المولوية بشئ، وليس لها فصل وجودي، بل حدها عدم تعلق الإرادة بشئ آخر يكون عدلا لما تعلقت الإرادة به، ففي الحقيقة الشك في التعيينية والتخييرية يرجع إلى الشك في وجوب العدل وعدمه، فالذي يمكن أن يعمه " حديث الرفع " لولا كونه خلاف المنة - هو وجوب العدل المشكوك، فينتج التعيينية وهي ضد المقصود.
فظهر: أن المرجع عند الشك في التعيين والتخيير قاعدة الاشتغال، لرجوع الشك فيهما إلى الشك في سقوط ما علم تعلق التكليف به بفعل ما يحتمل كونه عدلا له، من غير فرق بين أن يكون الشك فيهما على الوجه الثاني من الوجوه المتقدمة (وهو ما إذا لم يعلم تعلق الطلب بما يحتمل كونه عدلا للواجب) أو على الوجه الثالث (وهو ما إذا علم بتعلق الطلب به أيضا وكان الشك في مجرد كونه عدلا للآخر) (1) فان الشك في كل من الوجهين يرجع إلى