العمل مطلقا، سواء كان قول المبلغ واجدا لشرائط الحجية أو لم يكن، فان الموضوع في القضية هو نفس البلوغ بقول مطلق، والإطلاق يكون مسوقا لبيان حكم نفسه لا لبيان حكم آخر، فلا مانع من التمسك بالإطلاق.
ثم إن كون الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء وأنها في مقام بيان استحباب العمل يمكن أن يكون على أحد وجهين:
أحدهما: أن تكون القضية مسوقة لبيان اعتبار قول المبلغ وحجيته، سواء كان واجدا لشرائط الحجية أو لم يكن - كما هو ظاهر الإطلاق - فيكون مفاد الأخبار مسألة أصولية، فإنه يرجع مفادها إلى حجية الخبر الضعيف الذي لا يكون واجدا لشرائط الحجية، وفي الحقيقة تكون أخبار " من بلغ " مخصصة لما دل على اعتباره الوثاقة أو العدالة في الخبر وأنها تختص بالخبر القائم على وجوب الشئ، وأما الخبر القائم على الاستحباب فلا يعتبر فيه ذلك. وظاهر عناوين كلمات القوم ينطبق على هذا الوجه، فان الظاهر من قولهم: " يتسامح في أدلة السنن " هو أنه لا يعتبر في أدلة السنن ما يعتبر في أدلة الواجبات.
فان قلت: كيف تكون أخبار " من بلغ " مخصصة لما دل على اعتبار الشرايط في حجية الخبر، مع أن النسبة بينهما العموم من وجه؟ حيث إن ما دل على اعتبار الشرائط يعم الخبر القائم على الوجوب وعلى الاستحباب، وأخبار " من بلغ " وإن كانت تختص بالخبر القائم على الاستحباب، إلا أنه أعم من أن يكون واجدا للشرائط أو فاقدا لها، ففي الخبر القائم على الاستحباب الفاقد للشرائط يقع التعارض، فلا وجه لتقديم أخبار " من بلغ " على ما دل على اعتبار الشرائط في الخبر.
قلت: مع أنه يمكن أن يقال: إن أخبار " من بلغ " ناظرة إلى إلقاء الشرائط في الأخبار القائمة على المستحبات فتكون حاكمة على ما دل على اعتبار الشرائط في أخبار الآحاد وفي الحكومة لا تلاحظ النسبة - إن الترجيح لأخبار " من بلغ " لعمل المشهور بها، مع أنه لو قدم ما دل على اعتبار الشرائط