فوائد الأصول - الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني - ج ٣ - الصفحة ٣١٦
ولا يقاس الترجيح في تعيين الحجة الشرعية على الترجيح في الأمور العادية، فإنه في الأمور العادية يكفي أدنى مزية موافقة للغرض وميل النفس وملائمة الطبع لترجيح أحد الطرفين واختياره، وأما الأمور الشرعية: فلابد من أن يكون الترجيح بما ثبت حجيته واعتباره شرعا أو عقلا، ولا يكفي في الخروج عن الترجيح بلا مرجح مطلق المزية ما لم يقم دليل على وجوب الترجيح بها.
وإن كان المراد من الترجيح بمظنون الاعتبار، هو أن القضية المهملة المرددة بين مظنون الاعتبار ومشكوكه وموهومه تتعين في خصوص مظنون الاعتبار (1) بترتيب مقدمات انسداد آخر، بأن يقال: إنا نعلم من مقدمات الانسداد المتقدمة أن الشارع جعل لنا حجة وطريقا إلى الأحكام المعلومة بالإجمال، وقد انسد علينا باب العلم به لتردد الطريق المجعول بين مظنون الاعتبار ومشكوكه وموهومه، ولا يجوز لنا إهمال الطريق المجعول لأنه يلزم من إهماله إهمال الإحكام، ولا يجوز أو لا يجب الاحتياط في جميع الأطراف: من مظنون الاعتبار أو مشكوكه وموهومه، فالعقل يستقل حينئذ بتعين الأخذ بمظنون الاعتبار وترك المشكوك والموهوم، ولو فرض تردد الظن بالاعتبار أيضا بين مظنون الاعتبار ومشكوكه وموهومه، فلا بد من إجراء مقدمات انسداد ثالث لتعيين النتيجة وانتهاء الأمر إلى اعتبار ظن واحد أو ظنون متعددة، فيؤخذ بالجميع، فيكون الترجيح بمظنون الاعتبار لقيام دليل قطعي على الترجيح به،

(١) أقول: لا مجال لجعل الانسداد في الطرق معينا لنتيجة الانسداد الجاري في الأحكام، لأن انتهاء النوبة إلى الانسداد الثاني فرع عدم كون النتيجة الواصل بنفسه، وذلك لا يمكن إلا بعدم ايكال العقل في الانسداد الأول بالمقدمة الرابعة، وإلا يستقل العقل بالأخذ بالأقرب فالأقرب، وربما يكون نفس الظن بالاعتبار طريقا إلى الأقربية - بالتقريب المتقدم - فمع حكمه به لا يبقى مجال لإهمال العقل وإجماله، كي ينتهى النوبة إلى الانسداد الثاني، ثم على فرض عدم الإيكال إلى المقدمة الرابعة لا مجال لكشف حجية الظن رأسا، فالجمع بين حجية الظن وإهماله لا يخلو عن تهافت!.
(٣١٦)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الظنّ (5)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست