الحقيقة إلى الترجيح بالقوة والضعف، وقد تقدم الجواب عنه، مضافا إلى أنه يلزم على هذا عدم العمل بمطلق مظنون الحجية، بل يتعين العمل بما يظن حجيته بظن قد ظن حجيته، لأنه أبعد عن مخالفة الواقع وبدله، هذا.
ولكن لا يخفى عليك: ضعف ما أفاده أخيرا، فان الظن بحجية ظن يلازم الظن بادراك بدل الواقع على تقدير مخالفة الظن للواقع، ولا يحتاج إلى كون الظن بحجية ظن مظنون الحجية بظن آخر، بل لو فرض حصول الظن كذلك لم يترتب عليه أثر أصلا.
وما أفاده الشيخ (قدس سره) من أنه يكون أبعد عن مخالفة الواقع وبدله مما لا نعقله (1) فإنه لو فرض حصول ألف ظن لا يحصل من ذلك إلا الظن بادراك الواقع أو بدله، مثلا لو فرض حصول الظن بالواقع من الشهرة ثم حصل الظن بحجية الشهرة من الخبر الواحد ثم حصل الظن بحجية الخبر عن الاستقراء ثم حصل الظن بحجية الاستقراء من الإجماع المنقول ثم حصل الظن بحجية الإجماع المنقول من أمارة ظنية أخرى، فهذه الظنون المترتبة لا توجب إلا الظن بحصول الواقع أو بدله، وهذا حاصل من الظن بحجية الشهرة الحاصل من الخبر الواحد، والظنون المترتبة الأخرى لا توجب حصول ظن آخر، بل لا توجب قوة الظن بالواقع أو بدله الذي كان حاصلا في المرتبة الأولى، فما أفاده (قدس سره) بقوله: " مع أن اللازم على هذا أن لا يعمل بكل مظنون الحجية الخ " لا يخلو عن مناقشة.