أحدهما: قيام الإجماع على أن مبنى الشريعة ليس على الإتيان بالمحتملات وامتثال التكاليف على سبيل الاحتمال ليبطل بذلك الاحتياط من أصله كلا وبعضا، فان قيام الإجماع على ذلك لا يمكن إلا بجعل طريق شرعي محرز للتكاليف ليتمكن المكلف ببركته على امتثال التكاليف بعنوانها الخاص.
ثانيهما: قيام الإجماع على اعتبار الأصول النافية في المشكوكات (1) فان قيام الإجماع على ذلك يكشف أيضا عن وجود حجة كافية في المسائل محرزة للتكاليف، وتلك الحجة بحسب الدوران العقلي منحصرة في الظن، إذ ليس في البين ما يصح جعله محرزا للواقع سواه. وعلى كل تقدير: تكون النتيجة الكشف، ولا يبقى مجال للحكومة.
ولا يكاد ينقضي تعجبي من الشيخ (قدس سره) من البناء على الحكومة وجعل النتيجة هي حكم العقل بكفاية الامتثال الظني في مقام الطاعة والخروج عن عهدة التكاليف المعلومة بالإجمال في الوقايع المشتبهة، مع أن مفاد قوله (قدس سره): " قلت مرجع الإجماع قطعيا كان أو ظنيا الخ " ليس إلا الكشف وحجية الظن شرعا.
ومن ذلك يظهر: ما في الوجوه الثلاثة التي ذكرها لإبطال الكشف في التنبيه الثاني من تنبيهات دليل الانسداد - المتكفل لبيان كلية النتيجة أو إهمالها - قال (قدس سره): " الحق في تقرير دليل الانسداد هو التقرير الثاني وأن التقرير على وجه الكشف فاسد، أما أولا: فلأن المقدمات المذكورة لا تستلزم جعل الشارع الظن - مطلقا أو بشرط حصوله من أسباب خاصة - حجة، لجواز أن لا يجعل الشارع طريقا للامتثال بعد تعذر العلم أصلا الخ ".
وحاصل ما أفاده في الوجه الأول من الوجوه الثلاثة يرجع إلى دعوى