الثلاثة في المقام، لتصل النوبة إلى المقدمة الرابعة.
أما بطلان التقليد: فواضح، فإنه يشترط في جواز رجوع الجاهل إلى العالم أن لا يكون الجاهل معتقدا بطلان مدرك علم العالم ولا يرى علمه جهلا، وإلا كان من رجوع العالم إلى الجاهل، لا رجوع الجاهل إلى العالم، ففي المقام من يرى انسداد باب العلم والعلمي لا يجوز له الرجوع إلى من يرى انفتاح بابهما، لأن من يرى انفتاح باب العلمي يعتقد حجية ظواهر الكتاب والأخبار صدورا وظهورا، ومن يرى انسداد بابه يعتقد عدم حجية ذلك وعدم دلالة الأدلة التي استدل بها على الحجية، ومع هذا كيف يجوز له عقلا الرجوع إلى الغير القائل بالانفتاح؟ فالتقليد في المقام فاسد من أصله.
وأما بطلان الرجوع في كل مسألة إلى الأصل الجاري فيها:
فبالنسبة إلى الأصول العدمية النافية للتكليف واضح، لأنه يلزم من إعمالها المخالفة القطعية، للعلم بثبوت التكاليف في مواردها. ولا سبيل إلى دعوى عدم العلم بالتكليف في جميع موارد الأصول النافية.
وأما بالنسبة إلى الأصول الوجودية المثبتة للتكليف: من الاحتياط (إذا كانت المسألة من أطراف العلم الإجمالي الشخصي المتعلق بها بخصوصها مع قطع النظر عن كونها من أطراف العلم الإجمالي الكلى المتعلق بأحكام الشريعة) ومن الاستصحاب المثبت للتكليف (إذا لم تكن المسألة من أطراف العلم الإجمالي) فقد أفاد الشيخ (قدس سره) في وجه بطلان الرجوع إليها: أنه يلزم من إعمالها العسر والحرج المنفيين لكثرة المشتبهات.
والإنصاف: أن دعوى العسر والحرج بالنسبة إلى الاحتياط التام في جميع الوقايع المشتبهة في محلها، وسيأتي الكلام فيه.
وأما بالنسبة إلى الاحتياط في بعض الموارد مما يقتضيه نفس المورد - من حيث كونه من أطراف العلم الإجمالي الشخصي - وكذا الاستصحاب الجاري في المورد الذي علم التكليف به سابقا: فليسا بمثابة يلزم من الرجوع إليهما العسر