إليهم لعلهم يحذرون " (1) وتقريب الاستدلال بها على وجه يندفع ما أورد على الاستدلال بها يتركب من أمور:
الأمر الأول: كلمة " لعل " مهما تستعمل تدل على أن ما يتلوها يكون من العلل الغائية لما قبلها (1) سواء في ذلك التكوينيات والتشريعيات وسواء كان ما يتلوها من الأفعال الاختيارية التي يمكن تعلق الإرادة بها أو من الموضوعات الخارجية التي لا يصح أن يتعلق بها الإرادة، فإنه على جميع التقادير كلمة " لعل " تقتضي أن يكون ما يتلوها علة غائية لما قبلها، فإذا كان ما يتلوها من الأفعال الاختيارية التي تصلح لإن يتعلق بها الإرادة الفاعلية والآمرية كان لا محالة بحكم ما قبلها، فان كان ما قبلها واجبا يكون ما يتلوها أيضا واجبا، وإن كان مستحبا فكذلك، فان جعل الفعل الاختياري غاية للواجب أو للمستحب يلازم وجوب ذلك الفعل أو استحبابه، وإلا لم يكن من العلل الغائية.
وبالجملة: لا إشكال في استفادة الملازمة بين وجوب الشئ ووجوب علته الغائية إذا صح أن يتعلق الطلب بها من حيث كونها فعلا اختياريا قابل لتعلق الإرادة به، وفي الآية الشريفة جعل التحذر علة غائية للإنذار، ولما كان الإنذار واجبا كان التحذر أيضا واجبا.
وسيأتي أن المراد من " التحذر " هو التحذر من حيث العمل بقول المنذر لا مجرد الخوف، فهو من الأفعال الاختيارية التي يصح أن يتعلق