التصرف في أموال الناس وأعراضهم؟ أو أن حكم العقل بذلك ليس طريقيا؟
الظاهر أن يكون هو الثاني، بل لا ينبغي التأمل فيه، فان تمام المناط في نظر العقل هو الإسناد إلى الشارع ما لا يعلم أنه منه، من غير دخل للواقع في ذلك، فلو فرض أن المتعبد به كان في الواقع مما شرعه الشارع ولكن المكلف لم يعلم بتشريعه وأسنده إلى الشارع من غير علم كان ذلك من التشريع القبيح، لتحقق تمام المناط والموضوع الذي يستقل العقل بقبحه، ولو انعكس الأمر وأسند المكلف إلى الشارع ما علم بتشريعه إياه وكان في الواقع مما لم يشرعه الشارع لم يكن المكلف مشرعا، لا أنه يكون مشرعا ولمكان جهله يكون معذورا عند العقل.
وبالجملة: ليس للتشريع واقع يمكن أن يصيبه المكلف أو لا يصيبه، بل واقع التشريع هو إسناد الشئ إلى الشارع مع عدم العلم بتشريعه إياه، سواء علم المكلف بالعدم أو ظن أو شك، وسواء كان في الواقع مما شرعه الشارع أو لم يكن، فليس حكم العقل بقبح التشريع نظير حكمه بقبح الظلم، فان العقل إنما يستقل بقبح الظلم، وهو عبارة عن التصرف في أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم، غايته أنه من الشك في كون المال مال الناس يحكم العقل حكما طريقيا بقبح التصرف فيه، مخافة أن يكون المال مال الناس فيقع المكلف في مفسدة التصرف في مال الناس ظلما وعدوانا، فللعقل في باب الظلم حكمان: حكم موضوعي بقبح التصرف فيما هو مال الناس واقعا عند الالتفات إليه، وحكم آخر طريقي بقبح التصرف فيما يشك كونه مال الناس (1) فلو خالف المكلف وأقدم على التصرف في المشكوك ولم يكن