إلا بتدليس المواقعة بعد المراجعة، فإذا جاز أن يطلق التطليقة الثانية بلا طهر جاز أن يطلق كل تطليقة بلا طهر، ولو جاز ذلك لما وضع الله الطهر، انتهى.
واعترضه شيخنا الشهيد الثاني في المسالك بعد نقل عبارته بما هذا لفظه:
وإنما ذكرنا عبارته لاشتمالها على الاستدلال على حكمه، وبه يظهر ضعف قوله مع شذوذه، فإنا لا نسلم أن الطهر لا ينقضي بدون المواقعة، للقطع بأن تخلل الحيض بين الطهرين يوجب انقضاء الطهر السابق، سواء واقع فيه أم لا.
ثم لا نسلم اشتراط انقضاء الطهر في صحة الطلاق مطلقا. وإنما الشرط انقضاء الطهر الذي واقعها فيه، وهو منتف هنا لأن الطلاق الأول وقع بعده في طهر آخر، لأنه الغرض فلا يشترط أمر آخر، انتهى.
أقول: وتحقيق المقام على وجه لا يعتريه النقص والابرام بما لم يسبق إليه سابق من علمائنا الأعلام - رفع الله تعالى أقدارهم في دار السلام - قد سبق لي في بعض أجوبة مسائل بعض الطلبة الكرام، وهو يتوقف على نقل ما ورد من الأخبار في هذا المجال، ليتضح بذلك حقيقة الحال عليه السلام، ويظهر ما في كلام جملة من الأصحاب من الاختلال، فنقول:
من الأخبار الدالة على ما هو المشهور موثقة إسحاق بن عمار (1) عن أبي الحسن (عليه السلام) " قال: قلت له: رجل طلق امرأته ثم راجعها بشهود، ثم طلقها ثم بدا له فيراجعها بشهود، تبين منه؟ قال: نعم، قلت: كل ذلك في طهر واحد، قال: تبيين منه " وهي كما ترى صريحة في أن مجرد الرجعة كاف في صحة الطلاق ثانيا وإن كان في طهر الطلاق الأول.
وصحيحة عبد الحميد بن عواض ومحمد بن مسلم (2) " قالا: سألنا أبا عبد الله