راجعتها ودخلت بها، حتى إذا طمثت وطهرت ثم طلقتها على طهر بغير جماع بشهود، وإنما فعلت ذلك بها لأنه لم يكن لي بها حاجة ".
وما ذكره - رحمة الله عليه - من الجمع لا يخلو عندي من قرب، ويؤيده ما ورد في تفسير قوله سبحانه " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا (1) " من رواية الحلبي (2) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: سألته عن قول الله عز وجل " ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا " قال: الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها راجعها ثم طلقها يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى الله عز وجل عن ذلك ".
ورواية الحسن بن زياد (3) عنه (عليه السلام) " قال: لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته ثم يراجعها وليس له فيها حاجة ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله تعالى عز وجل عنه إلا أن يطلق ثم يراجع وهو ينوي الامساك ".
فإن هاتين الروايتين صريحتان في إنه متى كان قصد من المراجعة مجرد البينونة فلا يجوز له ذلك ولا يصح طلاقه الثاني لما فيه من الاضرار بها في مدة العدد الثلاث بعدم الجماع ونحوه، وقد تكون العدة تسعة أشهر مع أن غاية ما رخص به الشارع في ترك الجماع إذا كانت زوجة أربعة أشهر، فالزيادة على ذلك إضرار محض، فنهى الله سبحانه عنه، والظاهر أنه من أجل هذا النهي الموجب للتحريم وبطلان الطلاق كان الإمام (عليه السلام) يجامع بعد كل رجعة مع أن قصده البينونة.
وبالجملة فهذا الوجه عندي لما عرفت في غاية القوة، وعليه يجتمع أكثر أخبار المسألة، ولعل في قوله في موثقة إسحاق بن عمار الأولى " ثم بدا له فراجعها " إشارة إلى ذلك بمعنى بدا له وظهر إرادة المعاشرة فراجع، وعلى هذا الوجه يمكن تطبيق الروايات الثلاث الأول التي ذكرناها في أدلة ابن أبي عقيل،