الشيخ لأن الحضانة جعلت إرفاقا بالصبي، فإذا تزوجت الأم خرجت باشتغالها بزوجها وحقوقه عن الحضانة للطفل فلهذا سقطت، فإذا طلقت زال المانع فيبقى المقتضي سليما عن المعارض فيثبت حكمه، وظاهر السيد السند في شرح النافع الميل إلى هذا القول أيضا حيث جعله الأقرب، والظاهر أنه كذلك، ثم إنه بناء على العود بالطلاق فظاهر كلام السيد المشار إليه أنه إنما يعود بمجرد الطلاق إذا كان الطلاق بائنا، ولو كان رجعيا فبعد العدة.
وفيه أنه من الممكن ترتب الحكم على مجرد الطلاق في الرجعي أيضا بناء على أنها لا يجب عليها بعد الطلاق شئ من حقوق الزوجية التي بها حكموا بزوال حضانتها بالتزويج، وحينئذ فتكون فارغة لكفالة الصبي والقيام بأحواله.
الخامس: أن تكون أمينة، فلا حضانة لمن لا أمانة لها، قال في شرح النافع:
وهذا الشرط لم يعتبره المصنف، وقد اعتبره الشيخ في المبسوط وجماعة منهم الشهيد في القواعد، ولا بأس به لأن من لا أمانة لها ربما خانت في حفظ الولد، ولأن في التكليف بتسليم الولد إلى غير المأمونة عسرا وحرجا فكان منفيا.
أقول: لا يخفى ما في هذه التعليلات العليلة، فإن الخروج عما ثبت شرعا لها من حق الحضانة بمثل هذه التعليلات لا يخلو من مجازفة، على أنه من المعلوم الذي جبلت عليه الطباع حنو المرأة على ولدها وحرصها على القيام به واللطف به في جميع أحواله وحرصها على ما يصلحه وينفعه، كل ذلك جبلة وطبيعة وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا مرية فيه، وكيف مع هذا يتم ما ذكره من قوله " وربما خانت في حفظ الولد ".
وبالجملة فإن كلامه - رحمه الله - عندي هنا غير موجه، على أنه لو تم ما ذكروه من هذه التخريجات لجرى ذلك في الأب أيضا وهو معلوم البطلان، ولعل ترك هذا الشرط وهو الأظهر، فإن الأم لمزيد شفقتها وحنوها على ولدها طبيعة وجبلة يمنع مما توهمه علة لهذا الشرط.