للمؤمنين في قولهم: أتأكلون مما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل الله! على ما ذكرنا في سبب قوله تعالى:
(فكلوا مما ذكر اسم الله عليه) هذا قول ابن عباس. وقال عكرمة: كتبت فارس إلى قريش: إن محمدا وأصحابه لا يأكلون ما ذبحه الله، ويأكلون ما ذبحوا لأنفسهم، فكتب المشركون إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شئ، فنزلت هذه الآية وفي المراد بما لم يذكر اسم الله عليه أربعة أقوال:
أحدها: أنه الميتة، رواه ابن جبير عن ابن عباس.
والثاني: أنه الميتة والمنخنقة، إلى قوله [تعالى]: (وما ذبح على النصب) روي عن ابن عباس.
والثالث: أنها ذبائح كانت العرب تذبحها لأوثانها، قاله عطاء.
والرابع: أنه عام فيما لم يسم الله عند ذبحه، وإلى هذا المعنى ذهب عبد الله بن يزيد الخطمي، ومحمد بن سيرين.
فصل فإن تعمد ترك التسمية، فهل يباح؟ فيه عن أحمد روايتان. وإن تركها ناسيا أبيحت. وقال الشافعي: لا يحرم في الحالين جميعا. وقال شيخنا علي بن عبيد الله: فإذا قلنا. إن ترك التسمية عمدا يمنع الإباحة، فقد نسخ من هذه الآية ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) وعلى قول الشافعي: الآية محكمة.
قوله تعالى: (وإنه لفسق) يعني: وإن أكل ما لم يذكر عليه اسم الله لفسق، أي: خروج عن الحق والدين. وفي المراد بالشياطين هاهنا قولان:
أحدهما: قوم من أهل فارس، وقد ذكرناه عن عكرمة، فعلى الأول: وحيهم الوسوسة، وعلى الثاني: وحيهم الرسالة. والمراد ب " أوليائهم " الكفار الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ترك أكل الميتة. ثم فيهم قولان:
أحدهما: أنهم مشركو قريش.
والثاني: اليهود، (وإن أطعمتموهم) في استحلال الميتة (إنكم لمشركون).
أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات