لغة أهل نجد، وتميم. وقرأ ابن كثير، ونافع، وحمزة، والكسائي: بكسرها، وهي لغة أهل الحجاز، ذكره الفراء. وفي المراد بهذا الحق قولان:
أحدهما: أنه الزكاة، روي عن أنس بن مالك، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، والحسن، وطاووس، وجابر بن زيد، وابن الحنفية، وقتادة في آخرين، فعلى هذا، الآية محكمة.
والثاني: أنه حق غير الزكاة فرض يوم الحصاد، وهو إطعام من حضر، وترك ما سقط من الزرع والثمر، قاله عطاء، ومجاهد. وهل نسخ ذلك، أم لا؟ إن قلنا: إنه أمر وجوب، فهو منسوخ بالزكاة، وإن قلنا: إنه أمر استحباب، فهو باقي الحكم.
فإن قيل: هل يجب إيتاء الحق يوم الحصاد؟ فالجواب: إن قلنا: إنه إطعام من حضر من الفقراء، فذلك يكون يوم الحصاد، وإن قلنا: إنه الزكاة، فقد ذكرت عنه ثلاثة أجوبة:
أحدها: أن الأمر بالإيتاء محمول على النخيل، لأن صدقتها تجب يوم الحصاد. فأما الزروع، فالأمر بالإيتاء منها محمول على وجوب الإخراج، إلا أنه لا يمكن ذلك عند الحصاد، فيؤخر إلى زمان التنقية، ذكره بعض السلف.
والثاني: أن اليوم ظرف للحق، لا للايتاء، فكأنه قال: وآتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد التنقية.
والثالث: أن فائدة ذكر الحصاد ان الحق لا يجب فيه بنفس خروجه وبلوغه، إنما يجب يوم حصوله في يد صاحبه. وقد كان يجوز أن يتوهم أن الحق يلزم بنفس نباته قبل قطعه، فأفادت الآية أن الوجوب فيما يحصل في اليد، دون ما يتلف، ذكر الجوابين القاضي أبو يعلى. وفي قوله [تعالى]: (ولا تسرفوا) ستة أقوال:
أحدها: أنه تجاوز المفروض في الزكاة إلى حد يجحف به، قاله أبو العالية، وابن جريج.
وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن ثابت بن قيس بن شماس صرم خمسمائة نخلة، ثم قسمها في يوم واحد، فأمسى ولم يترك لأهله شيئا، فكره الله تعالى له ذلك، فنزلت: (ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين).
والثاني: أن الإسراف: يمنع الصدقة الواجبة! قاله سعيد بن المسيب.
والثالث: أنه الإنفاق في المعصية، قاله مجاهد، والزهري.
والرابع: أنه إشراك الآلهة في الحرث والأنعام، قاله عطية، وابن السائب.
والخامس: أنه خطاب للسلطان لئلا يأخذ فوق الواجب من الصدقة، قاله ابن زيد.
والسادس أنه الإسراف في الأكل قبل أداء الزكاة، قاله ابن بحر.