الأنباري: ويجوز أن يكون " وكذلك " مستأنفا، غير مشار به إلى ما قبله، فيكون المعنى: وهكذا زين. وقرأ الجمهور: " زين " بفتح الزاي والياء، ونصب اللام من " قتل " وكسر الدال من " أولادهم "، ورفع " الشركاء "، ووجه هذه القراءة ظاهر. وقرأ ابن عامر: بضم زاي " زين "، ورفع اللام، ونصب الدال من " أولادهم "، وخفض " الشركاء ". قال أبو علي: ومعناها: قتل شركائهم أولادهم، ففصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول به، وهذا قبيح، قليل في الاستعمال. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن: " زين " بالرفع، " قتل " بالرفع أيضا، " أولادهم " بالجر، " شركاؤهم " رفعا. قال الفراء: رفع القتل إذ لم يسم فاعله، ورفع الشركاء بفعل نواه، كأنه قال: زينه لهم شركاؤهم.
وكذلك قال سيبويه في هذه القراءة، كأنه قيل: من زينه؟ فقال: شركاؤهم. قال مكي بن أبي طالب: وقد روي عن ابن عامر أيضا أنه قرأ بضم الزاي، ورفع اللام، وخفض الأولاد والشركاء، فيصير الشركاء اسما للأولاد، لمشاركتهم للآباء في النسب والميراث والدين.
وللمفسرين في المراد بشركائهم أربعة أقوال:
أحدها: أنهم الشياطين، قاله الحسن، ومجاهد، والسدي.
والثاني: شركاؤهم في الشرك، قاله قتادة.
والثالث: قوم كانوا يخدمون الأوثان، قاله الفراء، والزجاج.
والرابع: أنهم الغواة من الناس، ذكره الماوردي. وإنما أضيف الشركاء إليهم، لأنهم هم الذين اختلقوا ذلك وزعموه. وفي الذي زينوه لهم من قتل أولادهم قولان:
أحدهما: أنه وأد البنات أحياء خيفة الفقر، قاله مجاهد.
والثاني: أنه كان يحلف أحدهم أنه إن ولد له كذا وكذا غلاما أن ينحر أحدهم، كما حلف عبد المطلب في نحر عبد الله، قاله ابن السائب، ومقاتل.
قوله تعالى: (ليردوهم) أي: ليهلكوهم. وفي هذه اللام قولان:
أحدهما: أنها لام " كي ".
والثاني: أنها لام العاقبة، كقوله [تعالى]: (ليكون لهم عدوا) أي: آل أمرهم إلى الردى، لا أنهم قصدوا ذلك.
قوله تعالى: (وليلبسوا عليهم دينهم) أي: ليخلطوا. قال ابن عباس ليدخلوا عليهم الشك في دينهم، وكانوا على دين إسماعيل، فرجعوا عنه بتزيين الشياطين.
قوله تعالى: (فذرهم وما يفترون) قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية إذا دفنوا بناتهم قالوا:
إن الله أمرنا بذلك، فقال: (فذرهم وما يفترون)، أي: يكذبون، وهذا تهديد ووعيد، فهو محكم، وقال قوم: مقصوده ترك قتالهم، فهو منسوخ بآية السيف.