أحدهما: أنه قرن ينفخ فيه، روى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصور، فقال: " هو قرن ينفخ فيه. وقال مجاهد: الصور كهيأة البوق. وحكى ابن قتيبة: أن الصور: القرن، في لغة قوم من أهل اليمن، وأنشد:
نحن نطحنا غداة الجمعين * بالضابحات في غبار النقعين نطحا شديدا لا كنطح الصورين وأنشد الفراء:
لولا ابن جعدة لم يفتح قهندزكم * ولا خراسان حتى ينفخ الصور وهذا اختيار الجمهور.
والثاني: أن الصور جمع صورة، يقال: صورة وصور، بمنزلة سورة وسور، كسورة البناء، والمراد نفخ الأرواح في صور الناس، قاله قتادة، وأبو عبيدة. وكذلك قرأ الحسن، ومعاذ القارئ، وأبو مجلز، وأبو المتوكل " في الصور " بفتح الواو. قال ثعلب: الأجود أن يكون الصور: القرن، لأنه قال عز وجل: (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض)، ثم قال: (ثم نفخ فيه أخرى)، ولو كان الصور، كان: ثم نفخ فيها، أو فيهن، وهذا يدل على أنه واحد، وظاهر القرآن يشهد أنه ينفخ في الصور مرتين. وقد روى أهل التفسير عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الصور قرن ينفخ فيه ثلاث نفخات:
الأولى: نفخة الفزع.
والثانية نفخة الصعق.
والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين ". قال ابن عباس: وهذه النفخة المذكورة في هذه الآية هي الأولى، يعني: نفخة الصعق.
قوله تعالى: (عالم الغيب) وهو ما غاب عن العباد مما لم يعاينوه، (فالشهادة) وهي ما شهدوه ورأوه. وقال الحسن: يعني بذلك السر والعلانية.