والثاني: أن المسلمين قالوا: إنا نخاف الإثم إن لم ننههم عن الخوض، فنزلت هذه الآية.
والثالث: أن المسلمين قالوا: لو قمنا عنهم إذا خاضوا، فإنا نخشى الإثم في مجالستهم، فنزلت هذه الآية. هذا عن مقاتل، والأولان عن ابن عباس.
قوله تعالى: (وما على الذين يتقون) فيه قولان:
أحدهما: يتقون الشرك.
والثاني: يتقون الخوض.
قوله تعالى: (من حسابهم) يعني: حساب الخائضين. وفي " حسابهم " قولان:
أحدهما: أنه كفرهم وآثامهم.
والثاني: عقوبة خوضهم.
قوله تعالى: (ولكن ذكرى) أي: ولكن عليكم أن تذكروهم. وفيما تذكرونهم به، قولان:
أحدهما: المواعظ.
والثاني: قيامكم عنهم. قال مقاتل: إذا قمتم عنهم، منعهم من الخوض الحياء منكم، والرغبة في مجالستكم.
قوله تعالى: (لعلهم يتقون) فيه قولان:
أحدهما: يتقون الاستهزاء.
والثاني: يتقون الوعيد.
فصل وقد ذهب قوم إلى أن هذه الآية منسوخة، لأنها اقتضت جواز مجالسة الخائضين والاقتصار على تذكيرهم، ثم نسخت بقوله [تعالى]: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم). والصحيح أنها محكمة، لأنها خبر، وإنما دلت على أن كل عبد يختص بحساب نفسه، ولا يلزمه حساب غيره.
وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون (70)