لهما وهما مشركان؟ فقال: أولم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فذكر ذلك علي لرسول الله، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، رواه أبو الخليل عن علي عليه السلام.
والرابع: أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا نبي الله، إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال: " بلى، والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه "، فنزلت هذه الآية، وبين عذر إبراهيم، قاله قتادة.
ومعنى قوله [تعالى]: (من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) أي: من بعد ما بان أنهم ماتوا كفارا.
قوله تعالى: (إلا عن موعدة وعدها إياه) فيه قولان:
أحدهما: أن إبراهيم وعد أباه الاستغفار، وذلك قوله [تعالى]: (سأستغفر لك ربي)، وما كان يعلم أن الاستغفار للمشركين محظور حتى أخبره الله تعالى بذلك.
والثاني: أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن، فلما تبين لإبراهيم عداوة أبيه لله تعالى بموته على الكفر، ترك الدعاء له. فعلى الأول، تكون هاء الكناية في " إياه " عائدة على آزر، وعلى الثاني، تعود على إبراهيم. وقرأ ابن السميفع، ومعاذ القارئ، وأبو نهيك: " وعدها أباه " بالباء.
وفي الأواه ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الخاشع الدعاء المتضرع، رواه عبد الله بن شداد بن الهاد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنه الدعاء، رواه زر عن عبد الله، وبه قال عبيد بن عمير.
والثالث: الرحيم، رواه أبو العبيد بن العامري عن ابن مسعود، وبه قال الحسن، وقتادة، وأبو ميسرة.
والرابع: أنه الموقن، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضحاك.
والخامس: أنه المؤمن، رواه العوفي، ومجاهد، وابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والسادس: أنه المسبح، رواه أبو إسحاق عن أبي ميسرة، وبه قال سعيد بن المسيب، وابن جبير.
والسابع: أنه المتأوه لذكر عذاب الله، قاله الشعبي. قال أبو عبيدة: مجاز أواه مجاز فعال من التأوه، ومعناه: متضرع شفقا وفرقا ولزوما لطاعة ربه، قال المثقب:
إذا ما قمت أرحلها بليل * تأوه آهة الرجل الحزين والثامن: أنه الفقيه، رواه ابن جريج عن مجاهد. فأما الحليم، فهو الصفوح عن الذنوب.