وفي السكينة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الرحمة، قاله ابن عباس.
والثاني: الوقار، قاله قتادة.
والثالث: السكون والطمأنينة، قاله ابن قتيبة، وهو أصح.
وفي هاء " عليه " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها ترجع إلى أبي بكر، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وحبيب بن أبي ثابت. واحتج من نصر هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مطمئنا.
والثاني: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل.
والثالث: أن الهاء ها هنا في معنى تثنية، والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما، فاكتفى بإعادة الذكر على أحدهما من إعادته عليهما، كقوله [تعالى]: (والله ورسوله أحق أن يرضوه)، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: (وأيده) أي: قواه، يعني النبي صلى الله عليه وسلم بلا خلاف. (بجنود لم تروها) وهم الملائكة. ومتى كان ذلك؟ فيه قولان:
أحدهما: يوم بدر، ويوم الأحزاب، ويوم حنين، قاله ابن عباس.
والثاني: لما كان في الغار، صرفت الملائكة وجوه الكفار وأبصارهم عن رؤيته، قاله الزجاج.
فإن قيل: إذا وقع الاتفاق أن هاء الكناية في " أيده " ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف تفارقها هاء " عليه " وهما متفقتان في نظم الكلام؟
فالجواب: أن كل حرف يرد إلى الأليق به، والسكينة إنما يحتاج إليها المنزعج، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم منزعجا. فأما التأييد بالملائكة، فلم يكن إلا للنبي ونظير هذا قوله [تعالى]: (لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه) يعني النبي [صلى الله عليه وسلم]، (وتسبحوه) يعني الله عز وجل.
قوله تعالى: (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) فيها قولان:
أحدهما: أن كلمة الكافرين الشرك، جعلها [الله] السفلى لأنها مقهورة، وكلمة الله وهي التوحيد، هي العليا، لأنها ظهرت، هذا قول الأكثرين.