فقالوا: كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، وأنت لا تزعم أن عزير ابن الله؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. وقال ابن عمر، وابن جريج: إن القائل لذلك فنحاص. فأما عزير، فقال شيخنا أبو منصور اللغوي: هو اسم أعجمي معرب، وإن وافق لفظ العربية، فهو عبراني، كذا قرأته عليه. وقال مكي ابن أبي طالب: العزير عند كل النحويين: عربي مشتق من قوله: يعزروه. وقال ابن عباس: إنما قالوا ذلك، لأنهم لما عملوا بغير الحق، أنساهم الله التوراة، ونسخها من صدورهم، فدعا عزير الله تعالى، فعاد إليه الذي نسخ من صدروهم، ونزل نور من السماء فدخل جوفه، فأذن في قومه فقال:
قد آتاني الله التوراة، فقالوا: ما أوتيها إلا لأنه ابن الله. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن بختنصر لما ظهر على بني إسرائيل، وهدم بيت المقدس، وقتل من قرأ التوراة، كان عزير غلاما، فتركه.
فلما توفي عزير ببابل، ومكث مائة عام، ثم بعثه الله تعالى إلى بني إسرائيل، فقال: أنا عزير، فكذبوه وقالوا: قد حدثنا آباؤنا أن عزيرا مات ببابل، فإن كنت عزيرا فأملل علينا التوراة، فكتبها لهم، فقالوا: هذا ابن الله.
وفي الذين قالوا هذا عن عزير ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم جميع بني إسرائيل، روي عن ابن عباس.
والثاني: طائفة من سلفهم، قاله الماوردي.
والثالث: جماعة كانوا على عهد رسول الله، وفيهم قولان:
أحدهما: فنحاص وحده، وقد ذكرناه عن ابن عمر، وابن جريج.
والثاني: الذين ذكرناهم في أول الآية عن ابن عباس.
فإن قيل: إن كان قول بعضهم، فلم أضيف إلى جميعهم؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن إيقاع اسم الجماعة على الواحد معروف في اللغة، تقول العرب: جئت من البصرة على البغال، وإن كان لم يركب إلا بغلا واحدا.
والثاني: أن من لم يقله، لم ينكره.
قوله تعالى: (وقالت النصارى المسيح ابن الله) في سبب قولهم هذا قولان:
أحدهما: لكونه ولد من غير ذكر.
والثاني: لأنه أحيى الموتى، وأبرأ الكمه والبرص، وقد شرحنا هذا المعنى في (المائدة).
قوله تعالى: (ذلك قولهم بأفواههم) إن قال قائل: هذا معلوم، فما فائدته؟ فالجواب: أن