ووكلوا إلى كلمة الرجل، فذلك قوله [تعالى] (إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا). وقال سعيد بن المسيب: القائل لذلك أبو بكر الصديق. وحكى ابن جرير أن القائل لذلك رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وقيل: بل العباس. وقيل: رجل من بني بكر.
قوله تعالى: (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) أي: برحبها. قال الفراء: والباء هاهنا بمنزلة " في " كما تقول: ضاقت عليكم الأرض في رحبها وبرحبها.
الإشارة إلى القصة قال أهل العلم بالسيرة: لما فتح رسول الله [صلى الله عليه وسلم] مكة، تآمر عليه أشراف هوازن وثقيف، فجاؤوا حتى نزلوا أوطاس، وأجمعوا المسير إليه، فخرج إليهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فلما التقوا أعجبتهم كثرتهم فهزموا.
وقال البراء بن عازب: لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فأقبلوا بالسهام، فانكشف المسلمون عن رسول الله [صلى الله عليه وسلم]. وبعضهم يقول: ثبت مع النبي [صلى الله عليه وسلم] يومئذ جماعة من أصحابه منهم أبو بكر، وعمر، وعلي، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث.
وبعضهم يقول: لم يبق معه سوى العباس وأبي سفيان، فجعل النبي يقول للعباس: " ناد: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة " فنادى، وكان صيتا، فأقبلوا كأنهم الإبل إذا حنت إلى أولادها، يقولون: يا لبيك، فنظر النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى قتالهم، فقال: " الآن حمي الوطيس، أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب " ثم قال للعباس: " ناولني حصيات " فناوله، فقال: (شاهت الوجوه) ورمى بها، وقال: " انهزموا ورب الكعبة "، فقذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا. وقيل: أخذ رسول الله [صلى الله عليه وسلم] كفا من تراب، فرماهم به فانهزموا. وكانوا يقولون: ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه بالتراب.