والثالث: أن المشركين أخذوا بأستار الكعبة قبل خروجهم إلى بدر، وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم القبيلتين، فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
والرابع: أن المشركين قالوا: اللهم إنا لا نعرف ما جاء به محمد، فافتح بيننا وبينه بالحق، فنزلت هذه الآية، قاله عكرمة.
والخامس: أنهم قالوا بمكة: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء...)، فعذبوا يوم بدر، قاله ابن زيد فخرج من هذه الأقوال أن في المخاطبين بقوله [تعالى]: " إن تستفتحوا " قولان:
أحدهما: أنهم المؤمنون.
والثاني: المشركون، وهو الأشهر. وفي الاستفتاح قولان:
أحدهما: أنه الاستنصار، قاله ابن عباس، والزجاج في آخرين. فإن قلنا: إنهم المسلمون، كان المعنى: إن تستنصروا فقد جاءكم النصر بالملائكة، وإن قلنا: هم المشركون، احتمل وجهين. أحدهما: إن تستنصروا فقد جاء النصر عليكم.
والثاني: إن تستنصروا لأحب الفريقين إلى الله، فقد جاءكم النصر لأحب الفريقين.
والثاني: الاستفتاح: طلب الحكم، والمعنى: إن تسألوا الحكم بينكم وبين المسلمين، فقد جاءكم الحكم، وإلى هذا المعنى ذهب عكرمة، ومجاهد، وقتادة. فأما قوله [تعالى]:
(وإن تنتهوا فهو خير لكم) فهو خطاب للمشركين على قول الجماعة. وفي معناه قولان:
أحدهما: إن تنتهوا عن قتال محمد صلى الله عليه وسلم، والكفر، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: إن تنتهوا عن استفتاحكم، فهو خير لكم، لأنه كان عليهم، لا لهم، ذكره الماوردي.
وفي قوله [تعالى]: (وإن تعودوا نعد) قولان:
أحدهما: وإن تعودوا إلى القتال، نعد إلى هزيمتكم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: وإن تعودوا إلى الاستفتاح، نعد إلى الفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله السدي.
قوله تعالى: (ولن تغني عنكم فئتكم شيئا) أي: جماعتكم وإن كثرت، (وأن الله مع المؤمنين) بالعون والنصر. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، وأبو بكر عن عاصم: " وإن