والرابع: صححوا عزائمهم ونياتهم على الجهاد، ذكره الثعلبي. فأما الرعب، فهو الخوف.
قال السائب بن يسار: كنا إذا سألنا يزيد بن عامر السوائي عن الرعب الذي ألقاه الله في قلوب المشركين كيف؟ كان يأخذ الحصى فيرمي به الطست فيطن، فيقول: كما نجد في أجوافنا مثل هذا.
قوله تعالى: (فاضربوا فوق الأعناق) في المخاطب بهذا قولان:
أحدهما: أنهم الملائكة. قال ابن الأنباري: لم تعلم الملائكة أين تقصد بالضرب من الناس، فعلمهم الله تعالى ذلك.
والثاني: أنهم المؤمنون، ذكره جماعة من المفسرين. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: فاضربوا الأعناق، و " فوق " صلة، وهذا قول عطية، والضحاك، والأخفش، وابن قتيبة، وقال أبو عبيدة: " فوق " بمعنى " على "، تقول: ضربته فوق الرأس، وضربته على الرأس.
والثاني: اضربوا الرؤوس لأنها فوق الأعناق، وبه قال عكرمة.
وفي المراد بالبنان ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الأطراف، قاله ابن عباس، والضحاك، وقال الفراء: علمهم الضرب، فقال:
اضربوا الرؤوس والأيدي والأرجل. وقال أبو عبيدة، وابن قتيبة: البنان: أطراف الأصابع. قال ابن الأنباري: واكتفى بهذا من جملة اليد والرجل.
والثاني: أنه كل مفصل، قاله عطية، والسدي.
والثالث: أنه الأصابع وغيرها من جميع الأعضاء، والمعنى: أنه أباحهم قتلهم بكل نوع، هذا قول الزجاج. قال: واشتقاق البنان من قولهم: أبن بالمكان: إذا أقام به، فالبنان به يعتمل كل ما يكون للإقامة والحياة.
قوله تعالى: (ذلك بأنهم شاقوا الله) " ذلك " إشارة إلى الضرب، و " شاقوا " بمعنى:
جانبوا، فصاروا في شق غير شق المؤمنين.
قوله تعالى: (دلكم فذوقوه) خطاب للمشركين، والمعنى: ذوقوا هذا في عاجل الدنيا. وفي فتح " أن " قولان:
أحدهما: بإضمار فعل، تقديره: ذلكم فذوقوه واعلموا أن للكافرين.
والثاني: أن يكون المعنى: ذلك بأن للكافرين عذاب النار. فإذا ألقيت الباء، نصبت. وإن شئت، جعلت " أن " في موضع رفع، يريد: ذلكم فذوقوه، وذلكم أن للكافرين عذاب النار، هذا