والثاني: أن قريشا قالت: يا محمد، بيننا وبينك قرابة، فبين لنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية، قاله قتادة وقال عروة: الذي سأله عن الساعة عتبة بن ربيعة. والمراد بالساعة ها هنا التي يموت فيها الخلق.
قوله تعالى: (أيان مرساها) قال أبو عبيدة: أي: متى مرساها؟ أي: منتهاها. ومرسى السفينة: حيث تنتهي. وقال ابن قتيبة: " أيان " بمعنى: متى، و " متى " بمعنى: أي حين، ونرى أن أصلها: أي أوان، فحذفت الهمزة، وجعل الحرفان واحدا، ومعنى الآية: متى ثبوتها؟
يقال: رسا في الأرض، أي: ثبت، ومنه قيل للجبال: رواسي. قال الزجاج: ومعنى الكلام:
متى وقوعها؟
قوله تعالى: (قل إنما علمها عند ربي) أي: قد استأثر بعلمها (لا يجليها) أي: لا يظهرها في وقتها (إلا هو).
قوله تعالى: (ثقلت في السماوات والأرض) فيه أربعة أقوال:
أحدها: ثقل وقوعها على أهل السماوات والأرض، قاله ابن عباس، ووجهه أن الكل يخافونها، محسنهم ومسيئهم.
والثاني: عظم شأنها في السماوات والأرض، قاله عكرمة، ومجاهد، وابن جريج.
والثالث: خفي أمرها، فلم يعلم متى كونها، قاله السدي.
والرابع: أن " في " بمعنى " على فالمعنى: ثقلت على السماوات والأرض، قاله قتادة.
قوله تعالى: (لا تأتيكم إلا بغتة) أي: فجأة.
قوله تعالى: (كأنك حفي عنها) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه من المقدم والمؤخر، فتقديره: يسألونك عنها كأنك حفي، أي: بر بهم، كقوله تعالى: (إنه كان بي حفيا). قال العوفي عن ابن عباس، وأسباط عن السدي: كأنك صديق لهم.
والثاني: كأنك حفي بسؤالهم، مجيب لهم. قال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: كأنك يعجبك سؤالهم. وقال خصيف عن مجاهد: كأنك تحب أن يسألوك عنها. وقال الزجاج: كأنك فرح بسؤالهم.
والثالث: كأنك عالم بها، قاله الضحاك عن ابن عباس، وهو قول ابن زيد، والفراء.
والرابع: كأنك استحفيت السؤال عنها حتى علمتها، قاله ابن أبي نجيح عن مجاهد. وقال