أحدهما: أنه الإنسان المشابه لهما، وخافا أن يكون بهيمة، هذا قول الأكثرين.
والثاني: أنه الغلام، قاله الحسن، وقتادة.
شرح السبب في دعائهما ذكر أهل التفسير أن إبليس جاء حواء، فقال: ما يدريك ما في بطنك، لعله كلب أو خنزير أو حمار، وما يدريك من أين يخرج، أيشق بطنك، أم يخرج من فيك، أو من منخريك؟ فأحزنها ذلك، فدعوا الله حينئذ، فجاء إبليس فقال: كيف تجدينك؟ قالت: ما أستطيع القيام إذا قعدت، قال: أفرأيت إن دعوت الله، فجعله إنسانا مثلك ومثل آدم، أتسمينه باسمي؟ قالت: نعم. فلما ولدته سويا، جاءها إبليس فقال: لم لا تسمينه بي كما وعدتني؟ فقالت: وما اسمك؟ قال: الحارث، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث، فسمته: عبد الحارث، وقيل: عبد شمس برضى آدم، فذلك قوله [تعالى]: (فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء). قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: " شركاء " بضم الشين والمد، جمع شريك. وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم: " شركا " مكسورة الشين على المصدر، لا على الجمع. قال أبو علي:
من قرأ " شركا "، حذف المضاف، كأنه أراد: جعلا له ذا شرك، وذوي شريك، فيكون المعنى:
جعلا لغيره شركا، لأنه إذا كان التقدير: جعلا له ذوي شرك، فالمعنى: جعلا لغيره شركا، وهذه القراءة في المعنى كقراءة من قرأ " شركاء ". وقال غيره: معنى " شركاء ": شريكا، فأوقع الجمع موقع الواحد كقوله [تعالى]: (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم). والمراد بالشريك: إبليس، لأنهما أطاعاه في الاسم، فكان الشرك في الطاعة، لا في العبادة، ولم يقصدا أن الحارث ربهما، لكن قصدا أنه سبب نجاة ولدهما، وقد يطلق العبد على من ليس بمملوك. قال الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا * وما في إلا تلك من شيمة العبد وقال مجاهد: كان لا يعيش لآدم ولد، فقال الشيطان: إذا ولد لكما ولد فسمياه عبد الحارث، فأطاعاه في الاسم، فذلك قوله [تعالى]: (جعلا له شركاء فيما آتاهما)، هذا قول الجمهور، وفيه قول ثان، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ما أشرك آدم، إن أول الآية لشكر، وآخرها مثل ضربه الله لمن يعبده في قوله عز وجل: (جعلا له شركاء فيما آتاهما). وروى قتادة عن الحسن، قال: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادا فهودوهم ونصروهم. وروي عن الحسن، وقتادة قالا: الضمير في قوله: " جعلا له شركاء " عائد إلى النفس وزوجه من ولد آدم، لا