والثاني: الجزع، قاله مجاهد.
والثالث: أنه الشديد الغضب، قاله ابن قتيبة، والزجاج. وقال أبو الدرداء: الأسف: منزلة وراء الغضب أشد منه.
قوله تعالى: (قال) أي: لقومه (بئسما خلفتموني من بعدي) فتح ياء " بعدي " أهل الحجاز، وأبو عمرو، والمعنى: بئس ما عملتم بعد فراقي من عبادة العجل. (أعجلتم أمر ربكم) قال الفراء: يقال: عجلت الأمر والشئ: سبقته، ومنه هذه الآية. وأعجلته: استحثثته. قال ابن عباس:
أعجلتم ميعاد ربكم فلم تصبروا؟! قال الحسن: يعني وعد الأربعين ليلة.
قوله تعالى: (وألقى الألواح) التي فيها التوراة. وفي سبب إلقائه إياها قولان:
أحدهما: أنه الغضب حين رآهم قد عبدوا العجل، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه لما رأى فضائل غير أمته من أمة محمد صلى الله عليه وسلم اشتد عليه، فألقاها، قاله قتادة، وفيه بعد. قال ابن عباس لما: رمى بالألواح فتحطمت، رفع منها ستة أسباع، وبقي سبع.
قوله تعالى: (وأخذ برأس أخيه) في ما أخذ به من رأسه ثلاثة أقوال:
أحدها: لحيته وذؤابته.
والثاني: شعر رأسه.
والثالث: أذنه. وقيل: إنما فعل به ذلك، لأنه توهم أنه عصى الله بمقامه بينهم وترك اللحوق به، وتعريفه ما أحدثوا بعده ليرجع إليهم فيتلافاهم ويردهم إلى الحق، وذلك قوله [تعالى]: (ما منعك إذ رأيتهم ضلوا أن لا تتبعن).
قوله تعالى: (يا ابن أم) قرأ ابن كثير: ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: " قال ابن أم " نصبا. وقرأ ابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الميم، وكذلك في (طه).
قال الزجاج: من فتح الميم، فلكثرة استعمال هذا الاسم، ومن كسر، اضافه إلى نفسه بعد أن جعله اسما واحدا، ومن العرب من يقول: " يا ابن أمي " بإثبات الياء. قال الشاعر:
يا ابن أمي ويا شقيق نفسي * أنت خلفتني لدهر شديد قال: يحتمل أن يريد من فتح: " يا ابن أم " أما، ويحذف الألف، ومن كسر: " ابن أمي " فيحذف الياء. فإن قيل: لم قال: " يا ابن أم " ولم يقل: " يا ابن أب "؟ فالجواب أن ابن عباس قال:
كان أخاه لأبيه وأمه، وإنما قال له ذلك ليرفقه عليه. قال أبو سليمان الدمشقي: والإنسان عند ذكر الوالدة أرق منه عند ذكر الوالد. وقيل: كان لأمه دون أبيه، حكاه الثعلبي.
قوله تعالى: (إن القوم) يعني عبدة العجل. (استضعفوني) أي: استذلوني (فلا تشمت بي