قال: إن معنى " مه " الكف، يحسن الوقف على " مه "، والاختيار عندي أن لا يوقف على مه دون " ما " لأنهما في المصحف حرف واحد. وفي الطوفان ثلاثة أقوال.
أحدها: أنه الماء. قال ابن عباس: أرسل عليهم مطر دائم الليل والنهار ثمانية أيام، وإلى هذا المعنى ذهب سعيد بن جبير، وقتادة، والضحاك، وأبو مالك، ومقاتل، واختاره الفراء، وابن قتيبة.
والثاني: أنه الموت، روته عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبه قال مجاهد، وعطاء، ووهب بن منبه.
وابن كثير.
والثالث: أنه الطاعون، نقل عن مجاهد، ووهب، أيضا. وفي القمل سبعة أقوال:
أحدها: أنه السوس الذي يقع في الحنطة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقال به.
والثاني: أنه الدبى، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعطاء. وقال قتادة:
القمل: أولاد الجراد. وقال ابن فارس: الدبى: الجراد إذا تحرك قبل أن تنبت أجنحته.
والثالث: أنه دواب سود صغار، قاله الحسن، وسعيد بن جبير. وقيل: هذه الدواب هي السوس.
والرابع: أنه الجعلان، قاله حبيب بن ثابت.
والخامس: أنه القمل، ذكره عطاء الخراساني، وزيد بن أسلم.
والسادس: أنه البراغيث، حكاه ابن زيد.
والسابع: أنه الحمنان، واحدتها: حمنانة، وهي ضرب من القردان، قاله أبو عبيدة. وقرأ الحسن، وعكرمة، وابن يعمر: " القمل " برفع القاف وسكون الميم.
وفي الدم قولان:
أحدهما: أن ماءهم صار دما، قاله الجمهور.
والثاني: أنه رعاف أصابهم، قاله زيد بن أسلم.
الإشارة إلى شرح القصة قال ابن عباس: جاءهم الطوفان، فكان الرجل لا يقدر ان يخرج إلى ضيعته، حتى خافوا الغرق، فقالوا: يا موسى ادع لنا يكشفه عنا، ونؤمن بك، ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا لهم، فكشفه الله عنهم، وأنبت لهم شيئا لم ينبته قبل ذلك، فقالوا: هذا ما كنا نتمنى، فأرسل الله عليهم الجراد فأكل ما أنبتت الأرض، فقالوا: ادع لنا ربك، فدعا، فكشف عنهم، فأحرزوا زروعهم في البيوت، فأرسل الله عليهم القمل، فكان الرجل يخرج بطحين عشرة أجربة إلى الرحى، فلا يرى منها ثلاثة أقفزة، فسألوه، فدعا لهم، فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الضفادع، ولم يكن شئ أشد