الواسعة الهبوب. وقال أبو علي: يحتمل النشر أن يكون خلاف الطي، كأنها كانت بانقطاعها كالمطوية. ويحتمل أن يكون معناها ما قاله أبو عبيدة في النشر: أنها المتفرقة في الوجوه، ويحتمل أن يكون من النشر الذي هو الحياة، كقول الشاعر: يا بن عجبا للميت الناشر قال: وهذا هو الوجه. وقرأ أبو رجاء العطاردي، وإبراهيم النخعي، ومسروق، ومورق العجلي: " نشرا " بفتح النون والشين. قال ابن القاسم: وفي النشر وجهان:
أحدهما: أن يكون جمعا، للنشور، كما قالوا: عمود وعمد، وإهاب وأهب.
والثاني: أن يكون جمعا، واحده ناشر، يجري مجرى قوله: غائب وغيب، وحافد وحفد، وكل هؤلاء القراء نون الكلمة. وكذلك اختلافهم في (سورة الفرقان) و (سورة النمل).
هذه قراءات من قرأ بالنون. وقد قرأ آخرون بالباء، فقرأ عاصم إلا المفضل: " بشرى " بالباء المضمومة وسكون الشين مثل فعلى. قال ابن الأنباري: وهي جمع بشيرة، وهي التي تبشر بالمطر. والأصل ضم الشين، إلا أنهم استثقلوا الضمتين. وقرأ ابن خثيم، وابن حذلم مثله، إلا أنهما نونا الراء. وقرأ أبو الجوزاء، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: بضم الباء والشين، وهذا على أنها جمع بشيرة. والرحمة ها هنا: المطر، سماه رحمة لأنه كان بالرحمة. و " أقلت " بمعنى حملت. قال الزجاج: جمع سحابة. قال ابن فارس: سمي السحاب لانسحابه في الهواء.
قوله تعالى: (ثقالا) أي: بالماء. وقوله تعالى: (سقناه) رد الكناية إلى لفظ السحاب، ولفظه لفظ واحد. وفي قوله: " لبلد " قولان:
أحدهما: إلى بلد. والثاني: لإحياء بلد. والميت: الذي لا ينبت فيه، فهو محتاج إلى المطر. وفي قوله تعالى: (فأنزلناه به) ثلاثة أقوال:
أحدها: أن الكناية ترجع إلى السحاب.
والثاني: إلى المطر، ذكرهما الزجاج.
والثالث: إلى البلد، ذكره ابن الأنباري. فأما هاء (فأخرجناه به) فتحتمل الأقوال الثلاثة.
قوله تعالى: (كذلك نخرج الموتى) أي: كما أحيينا هذا البلد. وقال مجاهد: نحيي الموتى بالمطر كما أحيينا البلد الميت به. قال ابن عباس: يرسل الله تعالى بين النفختين مطرا كمني الرجال، فينبت الناس به في قبورهم كما نبتوا في بطون أمهاتهم.