الموضونة، والفرش المرفوعة، والزرابي المبثوثة، فعند ذلك قالوا: (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) كلهم قرأ " وما كنا " باثبات الواو، غير ابن عامر، فإنه قرأ " ما كنا لنهتدي " بغير واو، وكذلك هي في مصاحف أهل الشام. قال أبو علي: وجه الاستغناء عن الواو، أن القصة ملتبسة بما قبلها، فأغنى التباسها به عن حرف العطف، ومثله (رابعهم كلبهم).
قوله تعالى: (لقد جاءت رسل ربنا بالحق) هذا قول أهل الجنة حين رأوا ما وعدهم الرسل عيانا. (ونودوا أن تلكم الجنة) قال الزجاج: إنما قال " تلكم " لأنهم وعدوا بها في الدنيا، فكأنه قيل لهم: هذه تلكم التي وعدتم بها. وجائز أن يكون هذا قيل لهم حين عاينوها قبل دخولهم إليها.
وقرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر " أورثتموها " غير مدغمة. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي " أورتموها " مدغمة، وكذلك قرؤوا في (الزخرف) قال أبو علي: من ترك الادغام، فلتباين مخرج الحرفين، ومن أدغم، فلأن التاء والثاء مهموستان متقاربتان. وفي معنى " أورثتموها " أربعة أقوال:
أحدها: ما روى أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار، فأما الكافر فإنه يرث المؤمن منزله من النار، والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة ".
فذلك قوله: (أورثتموها بما كنتم تعملون). وقال بعضهم: لما سمي الكفار أمواتا بقوله:
(أموات غير أحياء). وسمى المؤمنين أحياء بقوله: (لتنذر من كان حيا) أورث الأحياء الموتى.
والثاني: أنهم أورثوها عن الأعمال، لأنها جعلت جزاء لأعمالهم، وثوابا عليها، إذ هي عواقبها، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
والثالث: أن دخول الجنة برحمة الله، واقتسام الدرجات بالأعمال. فلما كان يفسر نيلها لا عن عوض، سميت ميراثا. والميراث: ما أخذته عن غير عوض.
والرابع: أن معنى الميراث هاهنا: أن أمرهم يؤول إليها كما يؤول الميراث إلى الوارث.
ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين (44) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون (45)