مع أن مفهومه ثبوت البأس وهو غير واضح الدلالة على التحريم وإن كان المعنى الأصلي للباس وهو العذاب والشدة في الحرب انسب بمعنى التحريم هذا مع ما عرفت من أن قاعدة الجمع يقتضي ارتكاب التأويل فيها ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الخبر الموافق لها في المعنى وعن السادس ان الرواية محمولة على الاستحباب أو الارشاد إذ لا قائل بوجوب قرائة التوحيد والحال هذه مع أن ضرورة الجمع بينه وبين الأخبار السابقة أيضا خصوصا صحيحة زرارة يقتضي ذلك وعن السابع ان ظاهر الحديث المنع من القران بين السورتين وأين هذا من ايجاب السورة الا ترى انه (ع) قال لكل سورة ركعة و لم يقل لكل ركعة سورة ولعلك تستفيد هذا المعنى صريحا في بعض الأخبار وعن الثامن ان الامر بالسورة المعينة في مواضعه ليس محمولا على الايجاب مطلقا عند أكثر القائلين بوجوب السورة وفي أكثر المواضع بالاتفاق بل على الاستحباب مع أن وجود ما هو أقوى منه يقتضي هذا الحمل وعن التاسع ان منع العدول عن سورة إلى غيره لا يخالف شيئا من المذهبين كما لا يخفى على المتدبر وعن العاشر بما عرفت من عدم دلالة رواية حماد على وجوب ما اشتملت عليه وعن الحادي عشر بانا لا نسلم ان فعله (ع) بيان للمجمل انما يكون ذلك إذا لم يتحقق بيان قولي و هو ممنوع والخبر بعد تسليم صحته غير محمول على الوجوب كما أشرنا إليه سابقا مع أن معارضة الأقوى يقتضي التأويل فيه ويؤيد ذلك أن المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وآله خصوص بعض السور ولا قائل بوجوبه على التعيين قال المحقق في المعتبر وفعل النبي صلى الله عليه وآله الذي استدللنا به على الوجوب يعارضه قوله (ع) للاعرابي لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وهو دليل الاجتزاء وفيه تأمل ويتخير المصلي في الزائد على الركعتين الأوليين وهو ثالثة المغرب وأخيرتا الرباعية بين قراءة الحمد وحدها من غير سورة وأربع تسبيحات اتفق الأصحاب على جواز التسبيحات فيما ذكر نقل الاتفاق على ذلك جماعة منهم والاخبار بذلك مستفيضة أو متواترة فاختلفوا في مقدار التسبيحات فقال الشيخ في النهاية والاقتصار انه ثلث مراة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فيكون اثنتي عشرة تسبيحة وهو المنقول عن ظاهر كلام ابن أبي عقيل ونقل عن السيد المرتضى انه عشر تسبيحات بحذف التكبير في الأوليين دون الثالثة وهو اختيار للشيخ في المبسوط والجمل وسلار وابن البراج وابن إدريس أيضا لأنه قال يجزي المستعجل أربع وغيره عشر وذهب ابن بابويه إلى انهما تسعة بحذف التكبير في الثلث وأسنده في المعتبر إلى حريز بن عبد الله السجستاني من قدماء الأصحاب وهو منسوب إلى أبي الصلاح لكن المصنف في المنتهى أسند إلى أبي الصلاح القول بثلث تسبيحات ونقل عن ابن الجنيد أنه قال والذي يقال في مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير تقدم ما شاء قال المفيد أقله أربع تسبيحات وهي العبارة الآتية مرة واحدة واختاره الشيخ في الاستبصار وجماعة من المتأخرين وقال المحقق في المعتبر بعد نقل الروايات الأربعة الآتية وهي صحيحة زرارة وصحيحة عبيد والحلبي وعلي بن حنظلة والوجه عندي القول بالجواز في الكل إذ لا ترجيح وإن كانت الرواية الأولى أولي وأشار بالرواية الأولى إلى رواية زرارة التي هي مستند قول المفيد وظاهر هذا القول الاكتفاء بمطلق الذكر لان ذلك مقتضى رواية علي بن حنظلة واسند هذا القول في الذكرى إلى صاحب البشرى وقواه وقال المصنف في المنتهى والأقرب عدم وجوب الاستغفار وهو مشعر بوجود القول بوجوبه فهذه ستة أقوال في هذه المسألة أو سبعة أو ثمانية واختار المصنف فذهب المفيد فقال صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولم اطلع على مستند القول الأول والثاني واما الثالث فيدل عليه ما رواه ابن بابويه عن حريز عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما قال إن كنت إماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات ثم تكبر وتركع وهذه الرواية مما اورده الشيخ محمد بن إدريس في اخر كتاب السرائر نقلا عن كتاب حريز بن عبد الله في جملة الاخبار التي استطرفها وانتزعها من كتب المشيخة المتقدمين ولفظ وحدك غير موجود فيها وكذا قوله تكمله تسع تسبيحات وعلى هذا الوجه نقلها المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى عن كتاب حريز ونقل في السرائر والمنتهى تتمة لهذا الخبر وهي هذه وان كنت خلف امام فلا تقرأ شيئا في الأوليين وانصت لقراءته ولا تقولن شيئا في الأخيرتين فان الله عز وجل يقول للمؤمنين وإذا قرئ القران يعني في الفريضة خلف الامام فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخريان تبع للأوليين وهذه التتمة مروية في الفقيه في الصحيح عن زرارة وفيه بدل قوله ولا تقولن شيئا في الأخيرتين ولا تقران شيئا في الأخيرتين ويدل على الرابع ما رواه الشيخ عن عبيد الله ابن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت في الركعتين لا تقرأ فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ويدل على الخامس ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين قال إن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويكبر ويركع وهذه الرواية فيه ضعف لان في طريقها محمد بن إسماعيل عن الفضل وقد عرفت جهة التوقف فيه وروى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر قال تسبح وتحمد الله وتستغفر الله لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء وهذه الرواية اسندها المحقق في المعتبر إلى زرارة ولم يذكر فيها قوله وان شئت إلى اخره والظاهر أن العمل المدلول كل واحد من هذه الأخبار جائز متسع كما هو (مقتضي) مذهب ابن الجنيد والمحقق وصاحب البشرى ولا ينافي ذلك ضعف الاسناد في الخبر الثالث لاعتضادها بخبرين من الاخبار الآتية مضافا إلى أن العامل (في الحقيقة) بصحيحة الحلبي وزيادة التهليل غير قادح لاشتمال كثير من الأخبار المعتبرة مع ما دل الاذن في الكلام بالدعاء ومن وجد اختلاف هذه الأخبار يجب بحسب الحدس الصحيح ان خصوص ترتيب معين غير معتبر ويرشد إلى ذلك صحيحة زرارة الآتية المصدرة بذكر المسبوق وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) في جملة حديث فزاد النبي صلى الله عليه وآله في الصلاة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء إلى اخر الخبر وقوله (ع) في صحيحة عبيد بن زرارة فإنها تحميد ودعاء مما يشعر بالتوسعة أيضا ومما ذكرنا يظهر ان زيادة التكبير على التسبيحات التسع كما هو مذهب المرتضى غير ضار وينقل عن بعض المتأخرين التوقف في ذلك بناء على عدم الوقوف في ذلك على نص بالخصوص وهل يجزي مطلق الذكر يحتمل ذلك لاطلاق رواية علي بن حنظلة مع كون اسنادها معتبرة إلى ابن بكير إذ ليس فيه من يتوقف في شانه الا الحسن بن علي بن فضال وهو بمكان من الجلالة وكذا ابن بكير والواسطة بينه وبين الامام وإن كان مجهولا الا ان ابن بكير ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فلا يضر جهالة حال الواسطة وفي التعليل المذكور في خبر عبيد بن زرارة نوع اشعار بجواز الاكتفاء بمطلق التحميد والدعاء وان لم يكن دالا عليه بناء على أن عدم مدخلية خصوص المادة في العلية ليس بذلك الواضح والاشعار المذكور مضافا إلى رجحان دعوى عدم القائل بالفصل يؤيد جواز الاكتفاء بمطلق الذكر ويحتمل العدم لنوع تأمل في اسناد الخبر وعدم صراحتها في المدعاء ومخالفة ظاهرها من التسوية لما سنحققه من تفصيل التسبيح وعدم قائل بهذه التوسعة يجامع ان التكليف اليقيني يقتضي البراءة اليقينية وروى ابن بابويه باسناد فيه ضعف عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال أدنى ما يجزي من القول في الركعتين الاخرتين ثلث تسبيحات يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصحاب اختلفوا في أفضلية التسبيح أو القراءة في الركعتين الأخيرتين فالذي يظهر من كلام الصدوق أفضلية التسبيح مطلقا وهو منسوب إلى ابن أبي عقيل وابن إدريس ونقل عن ظاهر الشيخ في أكثر كتبه المساواة ويظهر من كلامه في الاستبصار التخيير للمنفرد وأفضلية القراءة للامام ونقل عن ابن الجنيد أنه قال يستحب للامام التسبيح إذا تيقن انه ليس معه مسبوق وان علم دخول المسبوق أو جوزه قرا ليكون ابتداء الصلاة للداخل بقرائة يقرأ فيها والمنفرد يجزيه مهما فعل وقال المصنف في المنتهى الأفضل للامام القراءة وللمأموم التسبيح وقواه في التذكرة والروايات مختلفة في هذا الباب اختلافا كثيرا فبعضها يدل على أفضلية التسبيح للامام وغيره كصحيحة زرارة السابقة وبعضها يدل على أفضلية التسبيح من غير تفصيل فمنها ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف الامام يحتسب بالصلاة خلفه جعل ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاته ركعتان وساق الحديث إلى أن قال فإذا سلم الامام قام فصلى الأخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة الحديث ورواه الشيخ في الصحيح أيضا عن زرارة وفي موضع الحاجة اختلاف حيث قال فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيهما في الأوليين في كل ركعة بام الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء ليس فيهما قراءة ومنها ما رواه الصدوق بالاسناد
(٢٧٠)