من صاحب الشرع الصلاة في حال القيام مستقرا اختيار أو الصلاة جالسا حال الاضطرار بالمرض واما الصلاة ماشيا حال المرض فغير معهود من صاحب الشرع فلو كان المشي سائغا للمرض أحيانا لوقع البيان والتعليم لكنه بعد محل التأمل واما الثاني فلانه لو سلم ان الطمأنينة مع الجلوس أقرب إلى هيئة الصلاة من الاضطراب لكن تأسيس الحكم الشرعي بمثل هذا الوجه مشكل ويمكن تقوية القول الأول بقول الصادق (ع) في صحيحة زرارة السابقة المنقولة عن الفقيه قم منتصبا معللا بقول النبي صلى الله عليه وآله من لم يقم صلبه فلا صلاة له لعموم التعليل ويقول الصادق (ع) في مرسلة محمد بن إبراهيم السالفة يصلي المريض قائما فإن لم يقدر صلى جالسا ونقل ابن بابويه ما يقرب منه عن النبي صلى الله عليه وآله كما مر فان قلت يصدق على من لم يقدر على الصلاة مطمئنا انه لم يقدر على الصلاة قائما لان السكون من الهيئات المعتبرة في الصلاة وعدم القدرة على الخبر ويستلزم عدم القدرة على الكل فعلى هذا الحديث مصادم لهذا القول قلت المتبادر من الصلاة في أمثال هذه المواضع ماهية الصلاة بما يعتبر فيها من حيث هي وبهذا يصح انقسامها إلى الصلاة مستقرا وماشيا وقاعدا ولاخفاء في أن الاستقرار ليس معتبرا في ماهية الصلاة بهذا المعنى نعم يخدش الوجهين ان اعتبار العموم بالنسبة إلى غير الفرد المتبادر الشايع المأنوس السابق إلى الذهن لا يصفو عن شوب التردد والتثبت ويمكن تقوية القول الثاني بقول الصادق (ع) في مرسلة محمد بن إبراهيم السابقة يصلي المريض قاعدا ويقول أبي جعفر (ع) في حسنة أبي حمزة السابقة المريض يصلي جالسا ويضعف الأول بعد تسليم السند ان وقوع الرواية على الوجهين يرشد الحدس السليم إلى أن الخبر على هذا الوجه تتمة له على الوجه السابق نقل مرة تمامها ومرة بعضها بقدر الاحتياج ومثل هذا غير نادر ويضعف الثاني بأنه غير دال على العموم كما لا يخفى على التأمل في سياق الحديث وهذه المسألة عندي محل تردد الرابع يتحقق العجز عن القيام بحصول الألم الشديد الذي لا يتحمل عادة ولا يعتبر العجز الكلي ولا يختص القعود بكيفية وجوبا بل يجلس كيف شاء نعم يستحب له ان يربع قاريا ويثنى رجليه راكعا ويتورك بين السجدتين وعند التشهد وفسر التربيع هيهنا بان ينصب فخذيه وساقيه وتثنية الرجلين بان يفترشهما تحته ويجلس على صدورهما بغير اقعاد واستدل على الأولين بما رواه الشيخ عن حمران بن أعين عن أحدهما (ع) قال كان أبي صلى الله عليه وآله إذا صلى جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه وليس ذلك بواجب للأصل ولما رواه الصدوق عن معوية بن ميسرة انه سال أبا عبد الله قال يصلي الرجل وهو جالس متربع ومبسوط الرجلين فقال لا باس بذلك وروى الشيخ في الموثق عن جماعة من فضلاء الأصحاب عن الصادق (ع) في الصلاة في المحمل صل متربعا وممدود الرجلين وكيف أمكنك واما التورك فسيجئ بيان معناه واستحبابه ذكر جماعة من أصحابنا المتأخرين في كيفية الركوع القاعد وجهين أحدهما ان ينحني بحيث يصير بالنسبة إلى القاعد المنتصب كالراكع القائم بالنسبة إلى القائم وثانيهما ان ينحني بحيث يحاذي جبهته موضع سجوده وأدناه ان ينحني بحيث يحاذي جبهته ما قدام ركبتيه كما أن أدنى ركوع القائم ان تصل راحتاه إلى ركبتيه وهو مستلزم لمحاذاة بعض الوجه ما قدام ركبتيه وأكمل ركوع القائم ان يستوي ظهره وعنقه وهو يستلزم محاذاة الجبهة لموضع السجود ولا ريب في كون كل منهما محصلا للبرائة لكن في الحكم بوجوب (أحدهما) تأمل والظاهر عدم وجوب رفع الفخذين عن الأرض وأوجبه الشهيد في بعض كتبه استنادا إلى أنه واجب حال القيام والأصل بقاءه لعدم دليل على اختصاص وجوبه بحال القيام واعترض عليه بان ذلك غير مقصود حال القيام بل انما حصل تبعا للهيئة الواجبة في تلك الحال وهي منتفية هنا وبأنه ينتقض بالصاق البطن فإنه يحصل في حال القعود أكثر مما يحصل في حال القيام و لم يحكم باعتبار التجافي نعم لو قدر على الارتفاع زيادة على حال الجلوس ودون الحال التي يحصل بها مسمى الركوع قائما وأوجبنا ذلك تحصيلا للواجب بقدر الامكان اتجه وجوب رفع الفخذين لكن الامر غير مقتدر (مقدر) حينئذ بمجافاتهما بل يجب ما أمكن من الرفع لكن في الوجوب المذكور تأمل ولو قدر على أقل ما يتحقق به الركوع دون الزايد عليه لم يكن له ان ينقص منه لحصول القدرة المستلزمة للوجوب وحينئذ يسقط اعتبار الفرق بينه وبين السجود للعجز المستتبع للسقوط ولو قدر على ذلك أكمل حالات الركوع دون الزايد عليه ففي وجوب الاكتفاء بالأقل منه تحصيلا للفرق بينه وبين السجود كما ذهب إليه المدقق الشيخ على نظر لعدم ثبوت وجوب اعتبار الفرق كلية وذهب الشهيد إلى عدم وجوب استبعادا (للمنع) من الركوع الكامل قال في الذكرى ولو قدر على أكمل الركوع وزيادة فيجب ههنا اثبات والسجود بالزائد قطعا لان الفرق بينهما واجب مع الامكان ولو قدر على زيادة الخفض في السجود فلا ريب في وجوبه حتى لو امكنه السجود على أحد الجبينين أو الصدغين أو الذقن أو عظم الرأس وجب والا وجب أدناه رأسه من الأرض بحسب الطاقة وعندي في كل هذه الأحكام نظر فان عجز عن الصلاة جالسا منتصبا ومنحنيا مستقلا متكئا اضطجع متوجها إلى القبلة ويؤمي بالركوع والسجود والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه حسنة أبي حمزة السابقة وظاهر كلام المصنف هيهنا وفاقا لكلام المحقق في الشرايع التخيير بين الاضطجاع على الأيمن والأيسر وهو المستفاد من كلام الشيخ في بعض مواضع المبسوط وبه صرح المصنف في النهاية وجعل الاضطجاع على الأيمن أفضل وقال في التذكرة ولو اضطجع على الأيسر فالوجه الجواز والذي ذكر في عدة من كتبه انه ينتقل من القعود إلى الاضطجاع على الأيمن قال في المنتهى ولو عجز عن القعود صلى مضطجعا على جانب الأيمن بالايماء مستقبلا للقبلة بوجهه ذهب إليه علمائنا ونحو منه كلام المحقق في المعتبر وهو اختيار جماعة من المتأخرين منهم الشهيدان واليه ذهب ابن إدريس وهو مستفاد من كلام الشيخ في النهاية وفي موضع من المبسوط ويدل عليه رواية عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا كيف قدر صلى إما ان يوجه فيؤمي ايماء وقال يوجه كما يوجه الرجل في (لحده) وينام على جنبه الأيمن ثم يؤمي بالصلاة فإن لم يقدر ان ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه له جايز ويستقبل القبلة بوجه ثم يؤمي بالصلاة ايماء وفي متن هذه الرواية اضطراب ونقلها في المعتبر بوجه آخر وتبعه على ذلك الشهيدان وهو هذا المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده وهو على هذا الوجه يسلم من الاضطراب واسندها إلى حماد وهي كذلك في بعض نسخ التهذيب وما رواه الصدوق مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله المريض صلى قائما وان لم يستطع صلى جالسا فإن لم يستطع صلى على جانبه الأيمن فإن لم تستطع صلى على جانبه الأيسر فإن لم يستطع استلقى وأومأ ايماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده اخفض من ركوعه ويدل على الأول اطلاق ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس آل فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزي عنه ولن يكلف الله مالا طاقة له به ويمكن الجمع بين الروايات إما بحمل المطلق على المقيد أو بحمل الروايتين الأوليين على الاستحباب والترجيح مشكل الا ان وجوب تحصيل البراءة اليقينة من التكليف الثابت يرجح التأويل الأول والمصير إلى القول الثاني فان عجز عن الصلاة مضطجعا أيضا استلقى والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه رواية عمار السالفة والمرسلة المنقولة عن الصدوق وبعض الروايات يدل على أنه ينتقل إلى الاستلقاء بعد العجز عن القعود وهو ما رواه عن الشيخ عن محمد بن إبراهيم عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلي المريض قاعدا فإن لم يقدر صلى مستلقيا ثم يكبر ثم يقرأ فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم يسبح ثم يفتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع فإذا أراد ان يسجد غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه دفع رأسه من السجود ثم يتشهد وينصرف وأسنده ابن بابويه إلى الصادق (ع) قال المحقق في المعتبر بعد نقل هذه الرواية وهذه يدل على انتقاله بعد العجز عن الصلاة قاعدا إلى الاستلقاء لكن الرواية الأولى أشهر وأظهر بين الأصحاب ولأنها مسندة وهذه مجهولة الراوي وقوله الرواية الأولى إشارة إلى رواية عمار السابقة لكنه أسنده إلى حماد كما قلنا سابقا وبالجملة رواية عمار مع ما ذكر من الرجحان معتضدة بقوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وبحسنة أبي حمزة السابقة لكن يستفاد منها الانتقال من الاضطجاع على الأيمن إلى الاستلقاء ولم أجد به قائلا صريحا وإن كان كلام الشيخ وابن إدريس والمصنف في كثير من كتبه وكلام المحقق في المعتبر لا يأبى عن الحمل عليه فإنهم قالوا يضطجع على الأيمن ثم قالوا فان عجز عن الاضطجاع استلقى ولم يذكروا حديث الاضطجاع على الأيسر والجمع بين الروايتين بحمل المرسلة المذكورة على التقية غير بعيد ويمكن الجمع (بين الروايات) أيضا بان يقال الانتقال من القعود إلى الاستلقاء جائز لكن تقديم الاضطجاع عليه أفضل وكذا الانتقال من الاضطجاع على الأيمن إلى الاستلقاء (حينئذ جايز) لكن تقديم الاضطجاع على الأيسر أفضل لكنه متوقف على
(٢٦٢)