رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢
فلا تجعل حظي من رحمتك ما عجلت لي من عافيتك، فأكون قد شقيت بما أحببت، وسعد غيري بما كرهت.
____________________
وما: موصولة: أي: ولأجل الذي صرفت عني من بلائك، ويحتمل أن تكون بمعنى على ومن: بيانية.
والمراد بالبلاء هنا: المكروه، من بلاه إذا أصابه بمكروه.
قال في القاموس: والبلاء يكون منحة، ويكون محنة (1).
لما كان الحمد سببا للمزيد، كما قال تعالى: «لئن شكرتم لأزيدنكم» (2)، جعل طلب عدم الاقتصار على المحمود عليه مترتبا على الحمد، كأنه قال: إذا حمدتك على حسن قضائك وصرف بلائك، فلا تجعل نصيبي من رحمتك ما أسرعت بقضائه لي من عافيتك، التي هي تعجيل قضاء هذا المطلوب، أو صرف هذا المكروه فحسب، فإن الجعل منبئ عن دوام الملابسة واستمرار الاستقرار.
والفاء من قوله: «فأكون»: للسببية، والفعل منصوب ب‍ «أن» المصدرية المضمرة بعدها، لكونها مسبوقة بالطلب، أي: فيتسبب عن ذلك، وهو جعل حظي من رحمتك مجرد هذه العافية المعجلة، كوني قد شقيت شقاوة أخروية، بسبب ما أحببته من تعجيلها، لاقتضائه فوات عظيم الأجر والجزاء المسبب عن الصبر على البلاء، ويكون قد سعد غيري ممن لم تجعل حظه من رحمتك مجرد عافيتك المعجلة سعادة أخروية، بسبب البلاء الذي كرهته أنا وصبر هو عليه، فنال بذلك عظيم الأجر وجزيل الثواب.
والحاصل: أنه لما كانت المحن في هذه الدار من منح الله سبحانه على عباده المؤمنين، لما يترتب عليها من حط الذنوب ورفع الدرجات.

(١) القاموس المحيط: ج ٤، ص 305.
(2) سورة إبراهيم: الآية 7.
(٢٢٢)
مفاتيح البحث: سورة ابراهيم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 217 219 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست