كفارته كفارة يمين واحدة. وكذلك - فيما أحسب - لا خلاف بينهم أنه إذا حلف بأيمان شتى على شئ واحد أن الكفارات الواجبة في ذلك بعدد الايمان كالحالف إذا حلف بأيمان شتى على أشياء شتى. اختلفوا إذا حلف على شئ واحد بعينه مرارا كثيرة، فقال قوم:
في ذلك كفارة يمين واحدة، وقال قوم: في كل يمين كفارة إلا أن يريد التأكيد، وهو قول مالك، وقال قوم: فيها كفارة واحدة، إلا أن يريد التغليظ وسبب اختلافهم: هل الموجب للتعدد هو تعدد الايمان بالجنس أو بالعدد؟ فمن قال اختلافها بالعدد قال:
لكل يمين كفارة إذا كرر، ومن قال اختلافها بالجنس قال: في هذه المسألة يمين واحدة. واختلفوا إذا حلف في يمين واحدة بأكثر من صفتين من صفات الله تعالى هل تعدد الكفارات بتعدد الصفات التي تضمنت اليمين أم في ذلك كفارة واحدة؟ فقال مالك: الكفارة في هذه اليمين متعددة بتعدد الصفات. فمن حلف بالسميع العليم الحكيم كان عليه ثلاث كفارات عنده، وقال قوم: إن أراد الكلام الأول وجاء بذلك على أنه قول واحد فكفارة واحدة إذا كانت يمينا واحدة. والسبب في اختلافهم: هل مراعاة الواحدة أو الكثرة في اليمين هو راجع إلى صيغة القول أو إلى تعدد الأشياء التي يشتمل عليها القول الذي مخرجه مخرج يمين، فمن اعتبر الصيغة قال كفارة واحدة، ومن اعتبر عدد ما تضمنته صيغة القول من الأشياء التي يمكن أن يقسم بكل واحد منها على انفراده قال: الكفارة متعددة بتعددها. وهذا القدر كاف في قواعد هذا الكتاب وسبب الاختلاف في ذلك، والله المعين برحمته.