جاء قبل أن يصلوا إلى بلاد المسلمين له تأثير في الحفظ، فمن شبه التأثير في الحفظ بالتأثير في الاخذ قال: يجب له السهم وإن لم يحضر القتال، ومن رأى أن الحفظ أضعف لم يوجب له، وأما الأثر فإن في ذلك أثرين متعارضين: أحدهما: ما روي عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) بعث أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان وأصحابه على النبي (ص) بخيبر بعدما فتحوها فقال أبان: أقسم لنا يا رسول الله، فلم يقسم له رسول الله (ص) منها والأثر الثاني: ما روي أن رسول الله (ص) قال يوم بدر: عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، فضرب له رسول الله (ص) بسهم ولم يضرب لاحد غاب عنها قالوا: فوجب له السهم لان اشتغاله كان بسبب الامام.
قال أبو بكر بن المنذر: وثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: الغنيمة لمن شهد الوقيعة. وأما السرايا التي تخرج من العساكر فتغنم، فالجمهور على أن أهل العسكر يشاركونهم فيما غنموا وإن لم يشهدوا الغنيمة ولا القتال، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام وترد سراياهم على قعدتهم خرجه أبو داود. ولان لهم تأثيرا أيضا في أخذ الغنيمة. وقال الحسن البصري: إذا خرجت السرية بإذن الامام من عسكره خمسها وما بقي فلأهل السرية، وإن خرجوا بغير إذنه خمسها، وكان ما بقي بين أهل الجيش كله. وقال النخعي: الامام بالخيار إن شاء خمس ما ترد السرية وإن شاء نفله كله. والسبب أيضا في هذا الاختلاف: هو تشبيه تأثير العسكر في غنيمة السرية بتأثير من حضر القتال بها وهم أهل السرية، فإذن الغنيمة إنما تجب عند الجمهور للمجاهد بأحد شرطين: إما أن يكون ممن حضر القتال، وإما أن يكون ردءا لمن حضر القتال، وأما كم يجب للمقاتل فإنهم اختلفوا في الفارس، فقال الجمهور: للفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه. وقال أبو حنيفة: للفارس سهمان: سهم لفرسه، وسهم له. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار ومعارضة القياس للأثر، وذلك أن أبا داود خرج عن ابن عمر أن النبي (ص) أسهم لرجل وفرسه ثلاثة أسهم: سهمان للفرس، وسهم لراكبه وخرج أيضا عن مجمع بن حارثة الأنصاري مثل قول أبي حنيفة. وأما القياس المعارض لظاهر حديث ابن عمر فهو أن يكون سهم الفرس أكبر من سهم الانسان. هذا الذي اعتمده أبو حنيفة في ترجيح الحديث الموافق لهذا القياس على الحديث المخالف له، وهذا القياس ليس بشئ، لان سهم الفرس إنما استحقه الانسان الذي هو الفارس بالفرس وغير بعيد أن يكون تأثير الفارس بالفرس في الحرب ثلاثة أضعاف تأثير الراجل بل لعله واجب مع أن حديث ابن عمر أثبت. وأما ما يجوز للمجاهد أن يأخذ من الغنيمة قبل القسم فإن المسلمين اتفقوا على تحريم الغلول لما ثبت في ذلك عن رسول الله (ص) مثل قوله عليه الصلاة والسلام: أد الخائط والمخيط، فإن الغلول عار وشنار على أهله يوم القيامة إلى غير ذلك من الآثار الواردة في هذا الباب. واختلفوا في إباحة الطعام للغزاة ما داموا في أرض الغزو فأباح ذلك