المال حق إلا ما ملكت أيمانكم، وإنما صار الجمهور إلى أن المرأة لا يقسم بها ويرضخ بحديث أم عطية الثابت قالت: كنا نغزو مع رسول الله (ص) فنداوي الجرحى ونمرض المرضى وكان يرضخ لنا من الغنيمة. وسبب اختلافهم: هو اختلافهم في تشبيه المرأة بالرجل في كونها إذا عزت لها تأثير في الحرب أم لا؟ فإنهم اتفقوا على أن النساء مباح لهن الغزو، فمن شبههن بالرجال أوجب لهن نصيبا في الغنيمة، ومن رآهن ناقصات عن الرجال في هذا المعنى إما لم يوجب لهم شيئا وإما أوجب لهم دون حظ الغانمين وهو الارضاخ، والأولى اتباع الأثر، وزعم الأوزاعي أن رسول الله ص) أسهم للنساء بخيبر وكذلك اختلفوا في التجار والاجراء: هل يسهم لهم أم لا؟ فقال مالك: لا يسهم لهم إلا أن يقاتلوا، وقال قوم: بل يسهم لهم إذا شهدوا القتال. وسبب اختلافهم: هو تخصيص عموم قوله تعالى: * (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه) * بالقياس الذي يوجب الفرق بين هؤلاء وسائر الغانمين، وذلك أن من رأى أن التجار والاجراء حكمهم حكم خلاف سائر المجاهدين لأنهم لم يقصدوا القتال وإنما قصدوا إما التجارة وإما الإجارة استثناهم من ذلك العموم ومن رأى أن العموم أقوى من هذا القياس أجرى العموم على ظاهره، ومن حجة من استثناهم ما خرجه عبد الرزاق أن عبد الرحمن بن عوف قال لرجل من فقراء المهاجرين أن يخرج معهم، فقال نعم فوعده، فلما حضر الخروج دعاه فأبى أن يخرج معه واعتذر له بأمر عياله وأهله، فأعطاه عبد الرحمن ثلاثة دنانير على أن يخرج معه، فلما هزموا العدو سأل الرجل عبد الرحمن نصيبه من المغنم فقال عبد الرحمن: سأذكر أمرك لرسول الله (ص). فذكره له. فقال رسول الله (ص): تلك الثلاثة دنانير حظه ونصيبه من غزوه في أمر دنياه وآخرته وخرج مثله أبو داود عن يعلى بن منبه. ومن أجاز له القسم شبهه بالجعائل أيضا وهو أن يعين أهل الديوان بعضهم بعضا. أعني يعين القاعد منهم الغازي. وقد اختلف العلماء في الجعائل، فأجازها مالك ومنعها غيره، ومنهم من أجاز ذلك من السلطان فقط أو إذا كانت ضرورة، وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وأما الشرط الذي يجب به للمجاهد السهم من الغنيمة، فإن الأكثر على أنه إذا شهد القتال وجب له السهم وإن لم يقاتل، وأنه إذا جاء بعد القتال فليس له سهم في الغنيمة، وبهذا قال الجمهور. وقال قوم: إذا لحقهم قبل أن يخرجوا إلى دار الاسلام وجب له حظه من الغنيمة إن اشتغل في شئ من أسبابها، وهو قول أبي حنيفة. والسبب في اختلافهم: سببان: القياس والأثر. أما القياس فهو هل يلحق تأثير الغازي في الحفظ بتأثيره في الاخذ؟ وذلك أن الذي شهد القتال له تأثير في الاخذ: أعني في أخذ الغنيمة وبذلك استحق السهم، والذي
(٣١٥)